بمثل حصى الخذف"، ورَوَى مسلم عنه بلفظ: "رمى الجمرة بمثل حصى

الخذف" يُرَجِّح وجود المثل، ويؤيّد تقديره. انتهى كلام القاري -رَحِمَهُ اللهُ- (?)، وهو

تحقيق مفيدٌ جدّاً، والله تعالى أعلم.

وقوله: (رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) بدل من قوله: "فرماها"، أو استئناف

بيانيّ، وهو الأظهر، كما قال القاري، والاستئناف البياني ما وقع جواباً عن

سؤال مقدّر، والتقدير هنا: من أين رمى؟ فأجاب بأنه رمى من بطن الوادي،

والله تعالى أعلم.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وفيه أن السنة أن يقف للرمي في بطن الوادي، بحيث

تكون منى وعرفات والمزدلفة عن يمينه، ومكة عن يساره، وهذا هو الصحيح

الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة، وقيل: يَقِف مستقبل الكعبة، وكيفما رمى

أجزأه، بحيث يسمى رمياً بما يسمى حجراً، والله أعلم. انتهى.

(ثُمَّ انْصَرَفَ) أي: رجع - صلى الله عليه وسلم - عن جمرة العقبة (إِلَى الْمَنْحَرِ) بفتح الميم؛

أي: موضع نحر البدن، قال القاري -رَحِمَهُ اللهُ-: والآن يقال له: المذبح؛ لعدم

النحر، أو تغليبأ للأكثر، كما غلب في الأول للأفضل، وهو قريب من جمرة

العقبة، وأما ما اشتهر من صورة مسجد بُنِي قريب من الجمرة الوسطى،

منحرف عن الطريق إلى جهة اليمن، وبُني بإزائه على الطريق مسجدٌ، تسميه

العامة مسجد النحر، فليس هو، بل الأصح أن منحره - صلى الله عليه وسلم - في منزله الذي بقرب

مسجد الخيف، متقدما على قبلة مسجد الخيف. انتهى (?).

وقال الزرقانيّ: المنحر موضع معروفٌ بمنى، وكلُّها منحر، كما في

الحديث، قال ابن التين: منحر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عند الجمرة الأولى التي تلي

المسجد، فللنحر فيه فضيلة على غيره؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا المنحر، وكلُّ منى

منحرٌ"، وقال عياض: فيه دليلٌ على أن المنحر موضع معيّنٌ من منى، وحيث

يَذبح منها أو من المحرم أجزأه. انتهى.

(فَنَحَرَ ثَلَاثاً وَسِتَينَ بِيَدِهِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا هو في النسخ "ثلاثاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015