جلد، كذا في "القاموس" (?).
وذكر النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "المجموع" البيت الأول فقط، ونصّه:
قال أصحابنا: واستُحِبّ الإسراع فيه؛ للاقتداء بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولأن وادي
محسِّرٍ كان موقف النصارى، فاستُحِب مخالفتهم، واستدلوا بما رواه البيهقيّ
بإسناده، عن الْمِسْوَر بن مَخْرَمة، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يُوضِع،
ولقول:
إَلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُهَا ... مُخَالِفاً دِينَ النَّصَارى دِينُهَا
قال البيهقيّ: يعني الإيضاع في وادي محسَّر، ومعنى هذا البيت: أن
ناقتي تَعْدُو إليك يا رب مسرعةً في طاعتك، قَلِقاً وَضِينُها، وهو الحبل الذي
كالْحِزَام، وإنما صار قَلِقاً من كثرة السير، والإقبال التامّ، والاجهاد البالغ في
طاعتك، والمراد صاحب الناقة، وقوله: "مخالفاً دين النصارى دينها" بنصب
"دينَ النصارى"، ورفع "دِينُها"؛ أي: إني لا أفعل فعل النصارى، ولا أعتقد
اعتقادهم، قال القاضي حسين في "تعليقه": يُستحب للمارّ بوادي محسر أن
يقول هذا الذي قاله عمر - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم (?).
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وأما قوله: "فحَرَّك قليلاً" فهي سنة من سنن السير في
ذلك الموضع، قال أصحابنا: يُسْرع الماشي، ويُحَرِّك الراكب دابته في وادي
مُحَسِّر، ويكون ذلك قدر رَمْيَةِ حجر. انتهى.
وقال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "الأُمّ"؛ وتحريكه - صلى الله عليه وسلم - الراحلة فيه يجوز أن يكون
فعل ذلك لسعة الموضع، قال الطبريّ: وهكذا كلُّ من خرج من مضيق في
فضاء جرت العادة بتحريكه فيه، وقيل: يجوز أن يكون فعله؛ لأنه مأوى
الشياطين، وقيل: لأنه كان موقفاً للنصارى، فاستُحبّ الإسراع فيه.
وقال الإسنويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وظهر لي معنى آخر في حكمة الإسراع، وهو أنه
مكان نزل فيه العذاب على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت، فاستُحبّ فيه
الإسراع؛ لما ثبت في "الصحيح" أمره - صلى الله عليه وسلم - المارّ على ديار ثمود ونحوهم
بذلك.