قال الجامع عفا الله عنه: قول القرطبيّ رحمهُ اللهُ: ولا دم على تاركه؛ أي:
عند من يقول: إنه ليس من النسك، وإلا فالقائلون: إنه من النسك يوجبون
الدم بتركه، فتنبّه.
وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: قوله: "حتى إذا أتينا البيت معه ... إلخ": فيه أن
المحرم إذا دخل مكة قبل الوقوف بعرفات يُسَنّ له طواف القدوم، وهو مجمع
عليه، وفيه أن الطواف سبع طوافات، وفيه أن السنة أيضًا لرمل في الثلاث
الأُوَل، ويمشي على عادته في الأربع الأخيرة.
قال العلماء: الرمل هو أسرع المشي مع تقارب الخطى، وهو الْخَبَب.
قال أصحابنا: ولا يستحب الرمل إلا في طواف واحد في حج أو عمرة،
أما اذا طاف في غير حجّ أو عمرة فلا رمل، بلا خلاف، ولا يُسْرع أيضًا في
كل طواف حجّ، وإنما يسرع في واحد منها، وفيه قولان مشهوران للشافعيّ:
أصحهما طواف يعقبه سعيٌ، ويتصور ذلك في طواف القدوم، ويتصور
في طواف الإفاضة، ولا يتصور في طواف الوداع.
والقول الثاني: أنه لا يُسرع إلا في طواف القدوم، سواء أراد السعي
بعده أم لا، ويُسرع في طواف العمرة؛ إذ ليس فيها إلا طواف واحد، والله
أعلم.
قال أصحابنا: والاضطباع سنة في الطواف، وقد صح فيه الحديث في
سنن أبي داود، والترمذيّ، وغيرهما، وهو أن يجعل وَسَط ردائه تحت عاتقه
الأيمن، ويجعل طرفيه على عاتقه الأيسر، ويكون منكبه الأيمن مكشوفًا،
قالوا: وإنما يسنّ الاضطباع في طواف يسنّ فيه الرمل على ما سبق تفصيله،
والله أعلم. انتهى (?).
(ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السَّلام)؛ "نَفَذَ" بالنون، والفاء، والذال المعجمة؛
أي: توجّه، يعني: أنه صار إليه بعد أن فرغ من طوافه (فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا}) بكسر
الخاء المعجمة على الأمر، وبفتحها على الخبر ({مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ}) بفتح
الميم؛ أي: موضع قيامه، وهو الحجر الذي كان يقوم عليه عند بناء البيت،