وأما حديث عمران بن حصين، فهو مما غَلِط فيه محمد بن يحيى
الأزديّ، وحدّث به من حفظه، فوهم فيه، وقد حدّث به على الصواب مرارًا،
ويقال: إنه رجع عن ذكر الطواف والسعي.
وقد روى الإمام أحمد، والترمذيّ، وابن حبان، في "صحيحه " من
حديث الدّراورديّ، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من قرن بين حجته وعمرته، أجزأه لهما طواف واحد"، ولفظ
الترمذيّ: "من أحرم بالحج والعمرة، أجزاه طواف وسعي واحد عنهما، حتى
يحلّ منهماجميعاً" (?).
وفي "الصحيحين " عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في
حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال: من كان معه هدي، فَلْيُهِلّ بالحج
والعمرة، ثم لا يحلّ حتى يحلّ منهما جميعًا، فطاف الذين أهلّوا بالعمرة، ثم
حلّوا، ثم طافوا طوافاًاخر بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا بين
الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا.
وصح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة: "إن طوافك بالبيت، وبالصفا
والمروة يكفيك لحجك وعمرتك".
وروى عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس: أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاف طوافًا واحدًا لحجه وعمرته (?)، وعبد الملك أحد الثقات
المشهورين احتَجَّ به مسلم، وأصحاب "السنن"، وكان يقال له: الميزان، ولم
يتكلم فيه بضعف ولا جرح، وانما أنكر عليه حديث الشفعة، وتلك شكاة ظاهرٌ
عنه عارها.
وقد روى الترمذيّ عن جابر -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَرَن بين الحج والعمرة،
وطاف لهما طوافًا واحدًا، وهذا وان كان فيه الحجاج بن أرطاة، فقد روى عنه
سفيان، وشعبة، وابن نمير، وعبد الرزاق، وخلق، قال الثوريّ: وما بقي أحد