فذالكم الرباط"، ووَصَفَ الحجّ بالمبرور؛ ليُدلي بما يُدلي التنكير في "الإيمان"، والتعريف في "الجهاد".
[فإن قلت]: لِمَ لا نحمِلها على الابتداء محذوفة الأخبار؟ .
[قلت]: يأبى التنكير في الإيمان ذلك، على أن المقدّر في الكلّ: "أفضلُ الأعمال"، وهو أعرف من "حجّ مبرور"، ومن "إيمانٌ بالله"، فأُجري الجهاد مجراهما مراعاة للتناسب. انتهى (?).
(قَالَ) السائل (ثُمَّ مَاذَا؟ ، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("حَجٌّ) في اللغة: القصد، وأصله من قولك: حججتُ فلانًا أحُجّه حجًّا: إذا عُدتَ إليه مرّةً بعد أخرى، فقيل: حج البيت؛ لأن الناس يأتونه في كلّ سنة، قاله الأزهريّ، وقال في "العباب": رجلٌ محجوجٌ: أي مقصود، وقد حجّ بنو فلان فلانًا: إذا أطالوا الاختلاف إليه، قال الْمُخَبَّلُ السعديّ [من الطويل]:
وَأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقَانَ الْمُزَعْفَرَا (?)
قال ابن السّكّيت: يقول: يُكثرون الاختلاف إليه، هذا هو الأصل، ثم تعورف استعماله في القصد إلى مكّة - حرسها الله تعالى - للنسك، تقول: حَجَجتُ البيت أَحُجُّهُ حجًّا، فأنا حاجّ، ويُجمَع على حجج، مثلُ بازل وبُزُل، وعائذ وعُوذ. انتهى.
وفي الشرع الحجّ: قصد زيارة البيت على وجه التعظيم، وقال الكرمانيّ: الحجّ قصد الكعبة للنسك بملابسة الوقوف بعرفة (?).
(مَبْرُورٌ") أي مقبول، ومنه: بُرَّ حجُّك، وقيل: المبرور هو الذي لا يخالطه إثم، وقيل: هو الذي لا رياء فيه، قاله في "الفتح" (?).