لأننا وإن قلنا بصحة توقيت ذات عرق مرفوعًا، إلَّا أن عمر - رضي الله عنه - لما لَمْ
يسمع النصّ قال: "انظروا حذوها من طريقكم"، ووافقه الصحابة الذين لَمْ
يسمعوا التوقيت من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فهو أولى بالاتباع، والله تعالى أعلم
بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب
قال:
[2810] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، كِلَاهُمَا
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ، قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو
الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - يُسْأل عَن الْمُهَلِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ، أَحْسَبُهُ
رَفَعَ اِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "مُهَلُّ أهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ
الْجُحْفَةُ (?)، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ
أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ) بن ميمون، تقدّم قريبًا.
2 - (عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ) الْكِسّيّ، تقدّم في الباب الماضي.
3 - (مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ) الْبُرْسانيّ، تقدّم أيضًا في الباب الماضي.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله: (فَقَالَ: سَمِعْتُ) فاعل "قال" ضمير جابر - رضي الله عنه -؛ أي: قال جابر:
"سمعت"، ثم شكّ أبو الزبير في رفع جابر - رضي الله عنه - الحديث، فعدل إلى قوله:
"أحسبه رفع إلخ"؛ أي: أظنّ جابرًا رفع الحديث إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقوله:
"فقال: مُهَلّ إلخ "؛ أي: قال - صلى الله عليه وسلم -: "مُهلّ أهل المدينة إلخ".
وقوله: (وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةُ) وفي نسخة: "من الجحفة"، أراد
بالطريق الآخر طريق أهل الشام، يعني أنهم يُهلّون من الجحفة.