يُخلّ ببعض فرائضها، ولا يقضيها، ولا ينوي قضاءها، فمقتضى ما ذكره كثير من أصحابنا أنه يكفر بذلك، فإن دُعي إليها وامتنع، حُكم عليه بالكفر الظاهر، وإلا لحقه حكم الكفر الباطن بذلك، ثم إذا صلّى الأخرى صار مؤمنًا، كما دلّ على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك صلاة العصر متعمّدًا حبِط عمله"، وقوله: "من ترك الصلاة عمدًا فقد برئت منه الذمّة"، ولا يلزم من ذلك أحكام الكفر في حقّه، كالمنافقين، والأشبه في مثل هذا أنه لا يكفر بالباطن أيضًا حتى يعزِمَ على تركها بالكليّة، كما لم يكفر في تأخيرها عن وقتها كما تقدّم من الأحاديث، ولأن الفرائض تُجبر يوم القيامة بالنوافل، ولأنه متى عزم على بعض الصلاة فقد أتى بما هو مجرّد إيمان. انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى (?)، وهو بحث دقيق، وتحرير أنيق (?).

وقال رحمه الله تعالى في موضع آخر خلال تحقيقه لهذه المسألة أيضًا ما نصّه: وبهذا تزول الشبهة في هذا الباب، فإن كثيرًا من الناس، بل أكثرهم في كثير من الأمصار، لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس، ولا هم تاركيها بالجملة، بل يصلون أحيانًا، وَيدَعُون أحيانًا، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتَجرِي عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام، فإن هذه الأحكام إذا جرت على المنافق المحض، كابن أُبَيّ وأمثاله من المنافقين، فلأن تَجري على هؤلاء أولى وأحرى.

وبيان هذا الموضع مما يزيل الشبهة، فإن كثيرًا من الفقهاء يَظُنّ أن مَن قيل: هو كافر، فإنه يجب أن تجري عليه أحكام المرتد رِدّةً ظاهرةً، فلا يرث،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015