بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يوم الأحد السابع من شهر ذي القعدة 7/ 11/ 1428 هـ أول الجزء الثاني والعشرين من شرح صحيح الإمام مسلم المسمَّى "البحر المحيط الثجّاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجَّاج" رحمه الله تعالى.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى مناسبة "كتاب الاعتكاف" لكتاب الصوم؛ فإن الاعتكاف الذي نُقل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان في رمضان، كما تبيّن في الأحاديث السابقة، فتنبّه.
قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: عَكَفَ على الشيء عُكُوفًا، وعَكْفًا، من بابي قَعَدَ، وضَرَبَ: لازمه، وواظبه، وقُرئ بهما في السبعة في قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138]، وعَكَفْتُ الشيءَ أَعْكُفُهُ وأَعْكِفُهُ: حبَسْتُهُ، ومنه الاعتكاف، وهو افتعالٌ؛ لأنه حَبْسُ النفس عن التصرّفات العاديّة، وعَكَفتُهُ عن حاجته؛ منعتُهُ. انتهى (?).
وقال في "المجموع": أصل الاعتكاف في اللغة اللَّبْثُ، والحبس، والملازمة، قال الشافعيّ في "سنن حرملة": الاعتكاف: لزوم المرء شيئًا، وحبس نفسه عليه بِرًّا كان أو إثمًا، قال الله تعالى: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52]، وقال تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138]، وقال تعالى في البرّ: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، وسُمِّي الاعتكاف الشرعيّ اعتكافًا؛ لملازمة المسجد، يقال: عَكَفَ يَعْكُفُ، ويَعْكِفُ بضم الكاف، وكسرها، لغتان مشهورتان، عَكْفًا،