وشرح الحديث واضحٌ يُعلم مما سبق.
وقوله: (وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ: ثَلَاثٍ وَعِشرِينَ) يعني أن عبد الله بن أنيس - رضي الله عنه - كان يقول: ليلة القدر هي ليلة ثلاث وعشرين.
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: (ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ) هكذا هو في معظم النسخ؛ أي بجرّ "ثلاثٍ وعشرين"، وفي بعضها: "ثلاثٌ وعشرون"؛ أي بالرفع، قال: وهذا ظاهر، والأول جارٍ على لغة شاذّة أنه يجوز حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه مجرورًا؛ أي ليلةَ ثلاث وعشرين. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: أشار النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - بهذا إلى ما ذكره ابن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في "خلاصته" حيث قال:
وَمَا يَلِي الْمُضَافُ يَأتِي خَلَفَا ... عَنْهُ فِي الإِعْرَابِ إِذَا مَا حُذِفَا
وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا كَمَا ... قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا
لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا حُذِفْ ... مُمَاثِلَا لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ
[تنبيه]: أخرجه البيهقيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - بعد حديث الباب لعبد الله بن أنيس، فقال:
(8320) - أخبرنا الفقيه أبو الحسن محمد بن يعقوب الطبرانيّ، بها أنبا أبو النضر الفقيه، ثنا عثمان بن سعيد الدارميّ، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا يحيى بن أيوب، ثنا يزيد بن الهاد، أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره، عن عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك، عن عبد الله بن أنيس، قال: كنا بالبادية، فقلنا: إن قَدِمْنا بأهلينا شَقّ علينا، وإن خلَّفناهم أصابتهم ضيقة، قال: فبعثوني، وكنت أصغرهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت له قولهم، فأمرنا بليلة ثلاث وعشرين، قال ابن الهاد: فكان محمد بن إبراهيم يَجتهد تلك الليلة.
(8321) - وأخبرنا أبو علي الروذباريّ، أنبأ أبو محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا محمد بن إسحاق، حدّثني محمد بن إبراهيم، عن ابن عبد الله بن أنيس الْجُهَنيّ، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله إن لي بادية أكون فيها، وأنا أصلي فيها بحمد الله، فمرني بليلة أنزلها إلى هذا