كان يصوم شعبان كلّه، ثم قال: إما أنه أراد بالكل معظمه، وإما أنه ما رأى إلَّا رمضان فأخبر بذلك على حسب اعتقاده. انتهى (?).
(وَكَانَ يَصُومُ إِذَا صَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللهِ لَا يُفْطِرُ) "لا" الثانية مؤكّدة للأولى (وَيُفْطِرُ إِذَا أَفْطَرَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللهِ لَا يَصُومُ) في الحديث استحباب التنفل بالصوم في كل شهر، وأن صوم النفل المطلق لا يَخْتَصّ بزمان إلا ما نَهَى عنه وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصم الدهر، ولا قام الليل كله، وكأنه ترك ذلك؛ لئلا يُقْتَدَى به، فيشقّ على الأمة، وإن كان قد أُعْطي من القوّة ما لو التزم ذلك لاقتدر عليه، لكنه سلك من العبادة الطريقة الوُسْطَى، فصام وأفطر، وقام ونام، أشار إلى ذلك المهلَّب -رَحِمَهُ اللهُ-، وفيه الحلف على الشيء، وإن لم يكن هناك مَن ينكره مبالغةً في تأكيده في نفس السامع، قاله في "الفتح" (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [36/ 2724 و 2725 و 2726 و 2727] (1157)، و (البخاريّ) في "الصوم" (1971)، و (أبو داود) في "الصوم" (2430)، و (الترمذيّ) في "الشمائل" (305)، و (النسائيّ) في "الصيام" (4/ 199)، و (ابن ماجه) في "الصيام" (1711)، و (أحمد) في "مسنده" (1/ 227 و 241 و 271 و 301 و 321)، و (الدراميّ) في "سننه" (2/ 30)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (3/ 233)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (12/ 51)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[2725] ( ... ) - (وَحَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: شَهْراً فتَتَابِعاً مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ).