مِن أطعم الرباعيّ (رَبِّي، وَيَسْقِينِي") يجوز فتح أوله، وضمّه، مِن سقى، وأسقى، كلاهما لغتان مشهورتان (?)، فمن الأول قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21]، ومن الثاني قوله: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] الآية (فَلَمَا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَن الْوِصَالِ) أي لَمّا امتنعوا عن ترك الوصال؛ ظنًّا منهم أنه إنما نهاهم رفقًا بهم، لا تحريمًا عليهم (وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ) ظاهره أن قدر المواصلة بهم كانت يومين، وقد صَرَّح بذلك في رواية معمر عند البخاريّ، كما أشرنا إليها قريبًا (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ) أي رؤية هلال رمضان (لَزِدْتُكُمْ") استُدِلّ به على جواز قول "لو" وحُمِل النهي الوارد في ذلك على ما لا يتعلق بالأمور الشرعية، كما سيأتي بيانه في "كتاب القدر" (?) -إن شاء الله تعالى-.

والمراد بقوله: "لو تأخر لزدتكم" أي في الوصال إلى أن تَعْجِزُوا عنه، فتسألوا التخفيف عنكم بتركه، وهذا كما أشار عليهم أن يرجعوا من حِصَار الطائف، فلم يُعجبهم، فأمرهم بمباكرة القتال من الغد، فأصابتهم جراح وشدّة، وأحبوا الرجوع، فأصبح راجعًا بهم، فأعجبهم ذلك، وسيأتي ذكره مُوَضَّحًا في "كتاب الجهاد" (?) -إن شاء الله تعالى-

(كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ) وفي رواية للبخاريّ: "كالتنكيل لهم"، ووقع في رواية المستملي: "كالمنكر" بالراء، وسكون النون، من الإنكار، وللحمويّ: "كالمنكي" بتحتانية ساكنة، قبلها كاف مكسورة خفيفة، في النكاية، قال في "الفتح": والأول هو الذي تضافرت به الروايات، خارج هذا الكتاب -يعني "صحيح البخاريّ"-، والتنكيل: المعاقبة. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015