ذوق، وتجربة يَعْلَم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الجسمانيّ، ولا سيما الفَرِحُ المسرور بمطلوبه الذي قَرَّت عينه بمحبوبه. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن لي مما سبق من استعراض هذه الأقوال، وحججها أن أقربها، وأشبهها بالصواب القول بما دلّ عليه ظاهر النصّ، من أن الله تعالى يُطعم نبيّه -صلى الله عليه وسلم-، ويسقيه طعامًا، وشرابًا حقيقيين، وأن ذلك الطعام والشراب ليس مما يفسد الصوم، ولا ينافي الوصال؛ لأنه ليس من طعام الدنيا، ولا من شراب الدنيا، والتكليف إنما يتعلّق بهما، كما سبق الإشارة إليه في كلام ابن المنيّر رَحِمَهُ اللهُ وغيره.

والحاصل أن حمل الحديث على المعنى الحقيقيّ دون تعرّض إلى التأويلات المتكلّفة، هو الأرجح؛ لعدم ما يمنع منه، كما أشرت إليه آنفًا، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رَحِمَهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[2564] ( ... ) - (وَحَدَّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ (ح) وَحَدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَاصَلَ فِي رَمَضَانَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَنَهَاهُمْ، قِيلَ لَهُ: أَنْتَ تُوَاصِلُ؟ ، قَالَ: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ، وَأُسْقَى").

رجال هذا الإسناد: ستّةٌ:

1 - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم في الباب الماضي.

2 - (ابْنُ نُمَيْرٍ) هو: محمد بن عبد الله بن نُمير، تقدّم في الباب الماضي أيضًا.

3 - (عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ) تقدّم في الباب الماضي أيضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015