وقد ذمّ الله تعالى من خالف السنّة متبعًا لهواه، فقال: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)} [القصص: 50]-نعوذ بالله من الخذلان-.
3 - (ومنها): أن اختلاف أهل العلم كثيرًا ما يكون مبناه على اطلاع بعضهم على النصوص، وعدم اطلاع الآخرين عليها، فالواجب على المقلّدين أن ينظروا فيمن تؤئده النصوص، فيتبعوه.
4 - (ومنها): أن فيه بيانَ كثرة علم عائشة -رضي الله عنها- بالسنّة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رَحِمَهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:
[2557] ( ... ) - (وَحَدَّثنَا أَبُو كُرَيْب، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَن الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنه-، فَقَالَ لَهَا مَسْرُون: رَجُلَانِ مِنْ أَصحَابِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- كِلَاهُمَا لَا يَأْلُو عَن الْخَيْرِ: أَحَدُهُمَا يُعَبلُ الْمَغْرِبَ وَالْإِفْطَارَ، وَالْآخَرُ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَالْإِفْطَارَ، فَقَالَتْ: مَنْ يُعَجِّلُ الْمَغْرِبَ وَالْإِفْطَارَ؟ قَالَ: عَبْدُ اللهِ، فَقَالَتْ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصْنَعُ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ) هو: يحيى بن زكريّاء بن أبي زائدة الْهَمْدانيّ، أبو سعيد الكوفيّ، ثقةٌ ثبتٌ، من كبار [9] (ت 184) عن (93) سنةً (ع) تقدم في "الإيمان" 5/ 121.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله: (كِلَاهُمَا لَا يَأْلُو عَن الْخَيْرِ) أي لا يقصّر عنه، قال في "القاموس": وأَلَا أَلْوًا، وأُلُوًّا، وأُلِيًّا، وأَلَّى، واتَّلَى: قَصَّرَ، وأبطأ، وتكبّرَ، قال: وما ألوته: ما استطعته، وما ألوتُ الشيءَ أَلْوًا، وأُلُوًّا: ما تركته. انتهى (?).