الأعمش، عن عُمارة، عن أبي عطيّة، وفيه عائشة -رضي الله عنها- من المكثرين السبعة، روت (2210)، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ) الوادعيّ، تقدّم آنفًا الخلاف في اسمه، واسم أبيه، أنه (قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ) -رضي الله عنها- (فَقُلْنَا) وفي الرواية التالية: "فقال لها مسروق"، وفي رواية النسائيّ: "قلت لعائشة"، ويُجْمَع بين هذا إلاختلاف بكودط مسروق هو الذي تولّى السؤال؛ لكون عائشة -رضي الله عنها- تعرفه، حيث كان كثير الرواية عنها، بخلاف أبي عطيّة، فإنه ما يروي عنها إلا قليلًا، وإنما قال أبو عطيّة: قلت لعائشة، أو قلنا لها، لكونه طلب من مسروق أن يسألها، والله تعالى أعلم.
(يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، أَحَدُهُمَا يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ) أي يختار تعجيل الفطر في الصوم (وَيُعَجِّلُ) بتشديد الجيم، من التعجيل (الصّلَاةَ) أي صلاة المغرب، ففي الرواية التالية: "رجلان من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كلاهما لا يألو عن الخير، أحدهما يُعجّل المغرب، والإفطار، والآخر يؤخِّر المغرب، والإفطار"، وفي رواية النسائيّ: "أحدهما يعجّل الإفطار، ويؤخّر السحور".
وإنما فعل ابن مسعود -رضي الله عنه- ذلك؛ اتّباعًا للسنّة.
(وَالْآخَرُ يُؤَخِّرُ الْإِفْطَارَ، وَبُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) الظاهر أنه إنما فعل ذلك؛ ليبيّن للناس جوازه، أو فَعَله احتياطًا، حيث لم تبلغه السنّة في ذلك.
(قَالَتْ) عائشة -رضي الله عنها- (أَيُّهُمَا الَّذِي يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ، وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ) أبو عطيّة (قُلْنَا: عَبْدُ اللهِ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ) توفي سنة (32) تقدّمت ترجمته في "المقدمة" 3/ 11. (قَالَتْ: كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي إن فعل ابن مسعود -رضي الله عنه- هو الموافق لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والآخر مجتهد مأجور حيث لم يخالف السنّة قصدًا، كما يأتي من طريق ابن أبي زائدة قوله: "كلاهما لا يألو عن الخير".
وقوله: (زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ) أي يعني شيخه الثاني، وهو محمد بن العلاء زاد في روايته على رواية يحيى قوله، مبيّنًا الرجل الآخر: ("وَالْآخَرُ) أي الرجل