[قلت]: قد فَسَّره الحاكي له، وهو القاضي أبو بكر ابن العربيّ بأن المراد العتمة التي تصلى في آخر وقتها، وهو نصف الليل، أو ثلثه، فعاد هذا إلى المذهب الثالث، وهو قول ابن حبيب، كما قدمته، فليس مذهبا زائدًا على ما تقدم. انتهى كلام وليّ الدين رحمه الله (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق أن القول الراجح في المسألة هو القول السادس، كما اختاره المحقّقون؛ لأنه الذي يوافق الحديث، وأما سائر الأقوال، فلا أثارة عليها من الأدلّة النقليّة، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[2537] ( ... ) - (حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: " إِن بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا، وَاشْرَبُوا، حَتى تَسْمَعُوا أَذَانَ (?) ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

1 - (حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى) التُّجيبيّ، أبو حفص المصريّ، صاحب الشافعيّ، صدوقٌ [11] (3 أو 244) (م ق) تقدم في "المقدمة" 3/ 14.

2 - (ابْنُ وَهْبٍ) هو: عبد الله القرشيّ مولاهم، أبو محمد المصرفي، ثقةٌ ثبتٌ حافظٌ فقيهٌ عابدٌ [9] (ت 197) (ع) تقدم في "المقدمة" 3/ 10.

3 - (يُونُسُ) بن يزيد بن أبي النِّجَاد الأمويّ مولاهم، أبو يزيد الأيليّ، ثقةٌ ثبتٌ، من كبار [7] (ت 159) (ع) تقدم في "المقدمة" 14/ 3.

والباقون ذُكروا قبله.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015