لدخول الجنّة، وغلقُ أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار، وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء، وتزيين الشهوات.
قال الزين ابن المنيّر: والأول أوجه، ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره.
وأما الرواية التي فيها: "أبواب الرحمة"، و"أبواب السماء" فمن تصرّف الرواة، والأصل أبواب الجنّة بدليل ما يقابله، وهو غلق أبواب النار، واستُدِلّ به على أن الجنّة في السماء؛ لإقامة هذا مقام هذه الرواية، وفيه نظر.
وجزم التوربشتىّ شارح "المصابيح" بالاحتمال الأخير، وعبارته: فتح أبواب السماء كناية عن تنزّل الرحمة، وإزالة الغلق عن مصاعد أعمال العباد تارة ببذل التوفيق، وأخرى بحسن القبول، وغلق أبواب جهنم كناية عن تنزّه أنفس الصوّام عن رجس الفواحش، والتخلّص من البواعث عن المعاصي بقمع الشهوات.
وقال الطيبىّ: فائدة فتح أبواب السماء توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين، وأنه من الله بمنزلة عظيمة، وفيه إذا علم المكلّف ذلك بإخبار الصادق ما يزيد في نشاطه، ويتلقّاه بأريحيّة.
وقال القرطبىّ رحمه اللهُ بعد أن مال إلى ترجيح حمله على ظاهره:
[فإن قيل]: كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرًا؟ فلو صُفّدت الشياطين لم يقع ذلك.
[فالجواب]: أنها إنما تُغَلّ عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه، أما من لم يُحافظ عليه فلا يُغلّ عن فاعله الشيطان.
أو المصفّد بعض الشياطين، وهم المردة، لا كلّهم، كما تقدّم في بعض الروايات، أو المقصود تقليل الشرور فيه، وهذا أمر محسوس، فإن وقوع ذلك فيه أقلّ من غيره؛ إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شرّ، ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسيّة.
وقال غيره: في تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر