واعتمدوا عليه في النجاة من النار، والفوز بالجنّة، وإن كانت الأعمال لا تحصّل ذلك، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لن يُنجي أحداً منكم عمله" قالوا: ولا أنت يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: "ولا أنا، إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي الله برحْمَةٍ ... " الحديث، متّفقٌ عليه، لكن ذلك العمل الذي هو قتلهم عظيم، وثوابه جسيم، بحيث لو اطَّلَع عليه صاحبه لاعتمد علمه، وظنّ أنه هو الذي يُنجيه، قال: والرواية في ذلك اللفظ: "لاتّكلوا" بـ "أل"، وبالتاء المثنّاة من التوكّل، وقد صحّفه بعضهم، فقال: "لنكلوا" بالنون من النكول عن العمل؛ أي لا يعملون شيئاً؛ اكتفاء بما حصل لهم من ثواب ذلك، وهذا معنى واضحٌ لو ساعدته الرواية. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ادّعى القرطبيّ من التصحيف في قوله: "لنكلوا" هو الذي ذكره الحميديّ في "الجمع بين الصحيحين"، ولفظه: "لنكلوا عن العمل"، وعزاه إلى رواية مسلم، ومعناه واضح.

وأما ما وقع في نسخة "شرح النوويَّ" بلفظ: "لاتّكلوا عن العمل"، من الاتّكال بالتاء، و"عن" بدل "على"، إن لم يكن مصحّفاً، فمعناه: امتنعوا عن العمل استغناء بثواب قتالهم لهم، والله تعالى أعلم.

وفي هذا الحديث حثّ على قتال الخوارج، ووعد بالثواب العظيم.

(وَآيَةُ ذَلِكَ) أي العلامة التي بيّنها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمعرفة هؤلاء الخوارج (أَنَّ فِيهِمْ رَجُلاً لَهُ عَضُدٌ) هو ما بين المنكب والمرفق (وَلَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ، عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ) "الْحَلَمة -بفتحتين- هي اللحمة الناتئة في رأس الثدي، وقال الأزهريّ: الْحَلَمة: الحبّة على رأس الثدي من المرأة، والثُّنْدُوة من الرجل (?).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: الحلَمَة: الأنبوبة التي يخرج منها اللبن، وتُسمّى السعدانة. انتهى (?).

(عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ"، فَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيَّكُمْ، وَأَمْوَالِكُمْ) كلام عليّ - رضي الله عنه - هذا لجيشه على طريقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015