الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ، مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا"، قَالُوا: وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "بَرَكَاتُ الْأَرْضِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ قَالَ: "لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بالْخَيْرِ، إِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ، أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، فَإِنَّهَا تَأْكُلُ، حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، ثُمَّ اجْتَرَّتْ، وَبَالَتْ، وَثَلَطَتْ، ثُمَّ عَادَتْ، فَأَكَلَتْ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ، حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (أَبُو الطَّاهِرِ) أحمد بن عمرو بن السَّرْح، تقدّم قبل باب.
2 - (عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ) تقدّم أيضًا قبل باب.
3 - (مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ) إمام دار الهجرة، أبو عبد الله الفقيه الحجة المشهور، إمام المتقنين، وكبير المتثبّتين [7] (ت 179) (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ 1 ص 378.
4 - (زيدُ بْنُ أَسْلَمَ) العدويّ مولاهم المدنيّ، ثقةٌ فقيه [3] (ت 136) (ع) تقدم في "الإيمان" 36/ 250.
5 - (عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ) مولى ميمونة -رضي الله عنها- المدنيّ، ثقةٌ فاضل عابدٌ، من صغار [2] (ت 94) (ع) تقدم في "الإيمان" 26/ 213.
و"أبو سعيد" -رضي الله عنه- ذُكر قبله.
وقوله: (مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا) أي حسنها وبهجتها، وكثرة خيرها.
وقوله: (إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ، حُلْوَةٌ) قال التوربشتيّ: هكذا على التأنيث، وقد روي أيضًا: "خَضِرٌ حُلْوٌ"، والوجه فيه أن يقال: إنما أُنّث على معنى تأنيث المشبّه به؛ أي إن هذا المال شيء كالخَضِرة، وقيل: معناه كالبَقْلة الخَضِرة، أو يكون على معنى فائدة المال؛ أي إن الحياة به، أو المعيشة خَضِرة.
قال الطيبيّ: ويُمكن أن يعبّر عن المال بالدنيا؛ لأنه أعظم زينتي الحياة الدنيا؛ لقوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية [الكهف: 46]،