المستثنى، والمعنى: أن من جملة ما يُنبت الربيع شيئًا يَقتُل آكله إلا الْخَضِرَ منه إذا اقتَصَدَ فيه آكله، ودَفَع ما يؤدّيه إلى الهلاك. انتهى (?).

[تنبيه]: قال الأزهريّ رحمهُ اللهُ: وأما قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "وإن مما ينبت الربيع ما يَقتُلُ حَبَطًا، أو يُلمّ"، فإن أبا عُبيد فَسّر الْحَبَط، وترك من تفسير هذا الحديث أشياء، لا يستغني أهل العلم عن معرفتها، فذكرتُ الحديث على وجهه لأفسّر منه كلّ ما يُحتاج من تفسيره، ثمّ أورد الحديث بتمامه، ثم قال: وإنما تقصّيت رواية هذا الخبر؛ لأنه إذا بُتِرَ استَغْلَق معناه، وفيه مثلان: ضَرَب أحدَهما للْمُفْرِطِ في جمع الدنيا، مع منع ما جَمَع من حقّه، والمثل الآخر ضربه للمقتصد في جمع المال، وبذله في حقّه.

فأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حَبَطًا"، فهو مثل الحريص، والْمُفْرِط في الجمع والمنع، وذلك أن الربيع يُنبت أحرار العُشْب التي تَحْلَوْلِيها (?) الماشيةُ فتستكثر منها، حتى تَنتَفِخ بطونها، وتَهْلِكَ، كذلك الذي يجمع الدنيا، ويَحْرِص عليها، وَيشِحّ على ما جمع حتى يمنع ذا الحقّ حقّه منها يَهلِكُ في الآخرة بدخول النار، واستيجاب العذاب.

وأما مثلُ المقتَصِدِ المحمود، فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إلا آكلة الْخَضِرِ، فإنها أكلت، حتى إذا امتلأ خَواصرها استقبلت عين الشمس، فثَلَطت، وبالت، ثم رتعت"، وذلك أن الْخَضِرَ ليس من أحرار البقول التي تستكثر منها الماشيةُ، فتُهلكه أكلًا، ولكنّه من الْجَنْبَة (?) التي تَرعاها بعد هَيْجِ العُشْب (?)، ويُبْسه، قال: وأكثر ما رأيت العرب يجعلون الْخَضِرَ ما كان أخضر من الْحَلِيّ (?) الذي لم يَصفرّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015