(تَكَثُّرًا) منصوب على أنه مفعول لأجله؛ أي لأجل أن يكثر به ماله، لا لاحتياجه إليه، وقيل: أي بطريق الإلحاح والمبالغة في السؤال (فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا) أي قطعة من نار جهنّم؛ يعني أن ما أخذه سبب للعقاب بالنار، وجعله جمرًا للمبالغة، فهو كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} الآية؛ أي ما يوجب نارًا في العقبى، ويجوز أن يكون على ظاهره، وأن الذي يأخذه يصير جمرًا حقيقةً، ويُكوى به، كما ثبتٌ في مانعي الزكاة (?).
قال الجامع عفا الله عنه: حمله على ظاهره هو الأشبه بظاهر النصّ، كما يشهد له قوله تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} الآية [التوبة: 35]، والله تعالى أعلم.
(فَلْيَسْتَقِلَّ، أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ") أي فليستقلّ الجمر، أو ليستكثره، فيكون تهديدًا على سبيل التهكّم، أو فليستقلّ المسألة، فيكون تهديدًا محضًا، كقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} الآية [الكهف: 29]، قاله الطيبيّ.
وقال في "السبل": قوله: "فليستقلّ" أمر للتهكم، ومثله ما عُطف عليه، أو للتهديد، من باب {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]، وهو مشعر بتحريم السؤال للاستكثار". انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [36/ 2399، (1041)] و (ابن ماجه) في "الزكاة" (1838)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (8/ 203 - 209)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 231)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (109)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (8/ 187)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (10/ 474)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (4/ 196)، والله تعالى أعلم.