ذلك بلوغًا من غيره، وأما من فرّق بين ما تُخرجه الأرض، أو لا تخرجه، وبين الخفيّ والظاهر، فلا أعلم له مستندًا في هذا الوقت. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المذهب الأول عندي هو الأرجح؛ لعموم النصوص الصحيحة في إيجاب الزكاة، ولما روي من آثار عن الصحابة: عمر، وعليّ، وعائشة، وجابر - رضي الله عنهم -، رواها أبو عبيد، والبيهقيّ، والدارقطنىّ وغيرهم. والله تعالى أعلم.
قال: وأما أهل الذمّة، فإن الأكثر على أن لا زكاة على جميعهم؛ إلا ما روت طائفة من تضعيف الزكاة على نصارى بني تغلب -أعني أن يؤخذ منهم مِثلا ما يؤخذ من المسلمين في كلّ شيء-.
وممن قال بهذا: الشافعىّ، وأبو حنيفة، وأحمد، والثوريّ، وليس عن مالك في ذلك قولٌ، وإنما صار هؤلاء لهذا لأنه ثبت أنه فعل عمر بن الخطّاب بهم، وكأنهم رأوا أن مثل هذا هو توقيفٌ، ولكن الأصول تعارضه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كون هذا الذي أُخذ من نصارى بني تغلب زكاة فيه نظرٌ لا يخفى. والله تعالى أعلم.
قال: وأما العبيد فإن الناس فيهم على ثلاثة مذاهب:
فقوم قالوا: لا زكاة في أموالهم أصلًا، وهو قول ابن عمر، وجابر من الصحابة - رضي الله عنهم -، ومالك، وأحمد، وأبي عُبيد، من الفقهاء.
وقال آخرون: بل زكاة مال العبد على سيده، وبه قال الشافعيّ، فيما حكاه ابن المنذر، والثوريّ، وأبو حنيفة، وأصحابه.
وأوجبت طائفة أخرى على العبد في ماله الزكاة، وهو مرويّ عن ابن عمر، من الصحابة، وبه قال عطاء، من التابعين، وأبو ثور من الفقهاء، وأهل الظاهر، وبعضهم (?). وجمهور من قال: لا زكاة في مال العبد هو على أن لا زكاة في مال المكاتب حتى يعتق. وقال أبو ثور: في مال المكاتب زكاة.
وسبب اختلافهم في زكاة مال العبد اختلافهم في هل يملك العبد ملكًا تامًّا أو غير تام؟ فمن رأى أنه لا يملك ملكًا تامًّا، وأن السيّد هو المالك؛ إذ