بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ليلة الجمعة المباركة 29/ 1/ 1428 هـ أول الجزء التاسع عشر من شرح "صحيح الإمام مسلم" المسمّى، البحر المحيط الثجّاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجّاج، رحمه الله تعالى.
أي هذا كتاب تُذكر فيه الأحاديث الدّالة على أحكام الزكاة.
وإنما ذَكَر "كتاب الزكاة" عقيب "كتاب الصلاة"؛ لأن الزكاة ثالثة الإيمان، وثانية الصلاة في الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} [البقرة: 3]، وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بُنى الإسلام على خمس ... " الحديث (?).
مسائل تتعلّق بهذه الترجمة:
(المسألة الأولى): في بيان ما يتعلّق بلفظ "الزكاة" من حيث اشتقاقها، ومعناها لغةً وشرعًا:
قال العلامة ابن الأثير رحمه اللهُ: قد تكرّر في الحديث ذكر "الزكاة"، و"التزكية"، وأصل "الزكاة" في اللغة: الطهارة، والنماء، والبركة، والمدح، وكلّ ذلك قد استُعمِل في القرآن، والحديث، ووزنها فَعَلَة كالصدقة، فلما تحركت الواو، وانفتح ما قبلها انقلبت ألفًا، وهي من الأسماء المشتركة بين الْمُخرَج، والفعل، فتُطلَق على العين، وهي الطائفة من المال الْمُزَكَّى بها، وعلى المعنى، وهو التزكية. ومن الجهل بهذا البيان أُتِي من ظَلَم نفسه بالطعن على قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)} [المؤمنون: 4] ذاهبًا إلى العين،