(وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ)؛ أي: يا أهل المقبرة بالخصوص (لَاحِقُونَ) لقوله تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} الآية [لقمان: 34]، قيل: تُدفن، قاله القارى (?).
[تنبيه]: اختُلف في إتيانه بالاستثناء مع أن الموت لا شكّ فيه على أقوال:
[أحدها]: وهو أظهرها: أنه ليس للشكّ، وإنما هو للِتبرّك، وامتثال أمر الله له بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية [الكهف: 23، 24].
قال الحافظ أبو عمر رحمه الله: الاستثناء قد يكون في الواجب، لا شكًّا، كقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27]، ولا يُضاف الشك إلى الله تعالى.
[والثاني]: أنه عادة المتكلّم، يُحسّن به كلامَهُ.
[والثالث]: أنه عائد إلى اللحوق في هذا المكان، والموتِ بالمدينة.
[والرابع]: أن "إن" بمعنى "إذ".
[والخامس]: أنه راجع إلى استصحاب الإيمان لمن معه.
[والسادس]: أنه كان معه من يظن بهم النفاق، فعاد الاستثناء إليهم.
وحكى الحافظ أبو عمر أنه عائد إلى معنى "مؤمنين"؛ أي: لاحقون في حال إيمان؛ لأن الفتنة لا يأمنها أحد، ألا ترى قول إبراهيم عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]، وقول يوسف عليه السلام: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]، ولأن نبينا -صلى الله عليه وسلم- مكان يقول: "اللهم اقبضني إليك غير مفتون".
واستبعد الأبيّ الثالث بقوله -صلى الله عليه وسلم- للأنصار: "المحيا محياكم، والممات مماتكم"، قال: إلا أن يكون قال ذلك قبلُ. انتهى.
وقال النووي رحمه الله بعد ذكر الأقوال الأربعة الأُوَل ما نصّه: وقيل: أقوال أُخَر ضعيفة جدًّا، تركتها لضعفها، وعدم الحاجة إليها، منها قول من قال: