فقال: "من أين جئت؟ " فقالت: رحمت على أهل هذا الميت ميتهم، فقال: "لعلك بلغت معهم الْكُدَى؟ "، قالت: لا ... الحديث (?)، أخرجه أحمد، والحاكم، وغيرهما، فأَنكَر عليها بلوغ الْكُدَى، وهو بالضم، وتخفيف الدال المقصورة، وهي المقابر، ولم يُنكِر عليها التعزية.
وقال المحب الطبريّ رحمه الله: يَحْتَمِل أن يكون المراد بقولها: "ولم يعزم علينا"؛ أي: كما عُزِم على الرجال بترغيبهم في اتّباعها بحصول القيراط، ونحو ذلك، والأول أظهر، والله أعلم. انتهى ما في "الفتح" (?)، وهو بحث نفيسٌ.
والحاصل أن الراجح في معنى قولها: "ولم يُعزم علينا" هو المعنى الأول، وهو أن نهيه -صلى الله عليه وسلم- لنا عن اتّباع الجنائز ليس مؤكّدًا كتأكّد سائر المنهيّات التي ذُكرت في تلك البيعة وهي التي اشتملت عليها آية: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ} الآية [الممتحنة: 12]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.