أبي عمر رحمه الله (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ومن الأحاديث الدّالّة على إباحة البكاء دون النوح حديث جابر - رضي الله عنه - في قصّة استشهاد أبيه في غزوة أُحد، فقد أخرج الشيخان عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: لَمّا قُتِل أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه أبكي، وينهوني عنه، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا ينهاني، فجعلت عمتي فاطمة تبكي، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "تبكين، أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه".
ومنها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "زار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه، فبكى، وأبكى من حوله ... . " الحديث، أخرجه مسلم، وسيأتي.
ومنها: حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذَرَفَت عيناه لَمّا جعل ابنه إبراهيم في حجره، وهو يجود بنفسه، فقيل في ذلك؟ فقال: "إنها رحمة"، ثم قال: "العين تدمع، والقلب يَحزَن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا". متفق عليه.
وهو عند الترمذيّ، وحسّنه من حديث جابر - رضي الله عنه - بلفظ: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فوضعه في حجره، فبكى، فقال له عبد الرحمن: أتبكي، أوَ لم تكن نهيت عن البكاء؟ فقال: "لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة، خَمْش وجوه، وشَقّ جيوب، ورنّة شيطان".
ومنها: حديث عائشة - رضي الله عنهما -، قالت: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبّل عثمان بن مظعون، وهو ميت، حتى رأيت الدموع تسيل"، أخرجه أبو داود بإسناد صحيح، والترمذيّ، وقال: حديث حسن صحيح.
ومنها: ما أخرجه أحمد، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: لما مات عثمان بن مظعون، قالت امرأة: هنيئًا لك الجنة عثمانَ بنَ مظعون، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها، نظر غضبان، فقال: "وما يدريكِ؟ "، قالت: يا رسول الله فارسك،