لأبكينّه (بُكَاءً) أي: شديدًا، فالتنوين للتعظيم (يُتَحَدَّثُ عَنْهُ) بالبناء للمفعول؛ أي: يَتَحدّث الناس به، ويتعجّبون منه؛ لشدّته، قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أرادت أن تنوح عليه نياحة شديدة، وذلك منها على ما كانوا عليه من النياحة، والاجتماع لها قبل أن يبلغها تحريم النياحة. انتهى.

(فَكُنْتُ قَدْ تَهَيَّأْتُ لِلْبُكَاءِ عَلَيْهِ) أي: بالقصد والعزيمة، وتهيئة أسباب الحزن من الثياب السود وغيرها، مما تُعدّه النائحة وتهيّؤه.

قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فكنت ... إلخ "الفاء متّصلة بقولها: "قلتُ"؛ أي: قلت عقب ما تهيّأت للبكاء، ولا يجوز أن تتصل بالقول إلَّا مع الواو؛ ليكون حالًا. انتهى (?).

وقال ابن حجر الهيتميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فكنت ... إلخ" عطف على "قلت"؛ أي: عقب قولي ذلك وقع مني تمام التهيّء. انتهى (?).

(إِذْ أقَبَلَتِ امْرَأَةٌ) "إذ" ظرف لـ "تهيّأتُ"، أو لـ "قلت"، وفي رواية البيهقيّ: "فلما تهيّأت للبكاء عليه إذا امرأة تريد أن تأتيني"، وفي أخرى له: "فبينا أنا كذلك، قد تهيّأت للبكاء عليه إذ أقبلت امرأة".

[تنبيه]: هذه المرأة لا تُعرف، قاله في "التنبيه" (?).

(مِنَ الصَّعِيدِ) أصل الصعيد أعالي الأرض، والمراد هنا عوالي المدينة، ومنه صعيد مصر؛ أي: أعلى بلادها. انتهى (?). (تُرِيدُ أَنْ تُسْعِدَنِي) بضم أوله، من الإسعاد، وهو الإعانة؛ أي: تساعدني في البكاء والنوح، وتوافقني عليه، وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: هو إسعاد النساء في المناحات، تقوم المرأة، فتقوم معها أخرى من جاراتها، فتساعدها على النياحة. انتهى (?).

(فَاسْتَقْبَلَهَا) أي: تلك المرأة التي أرادت أن تُسعدها على البكاء، ولعله - صلى الله عليه وسلم - كان داخل البيت، فقد سبق في الرواية: "أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل على أبي سلمة، وقد شقّ بصره، فأغمضه" (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ) لَمّا علم أنَّها تريد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015