وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: كُنْتُ أَرْتَمِي بِأَسْهُمٍ لِي بِالْمَدِينَةِ، فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَنَبَذْتُهَا، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا حَدَثَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ، رَافِعٌ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَدْعُو، حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا، قَالَ: فَلَمَّا حُسِرَ عَنْهَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى) الساميّ، أبو محمَّد البصريّ، ثقةٌ [8] (ت 189) (ع) تقدم في "الطهارة" 5/ 557.
والباقون ذُكروا في الباب.
وقوله: (كُنْتُ أَرْتَمِي بِأَسْهُمٍ لِي) أي: أرمي الغرض، يقال: رمى، وارتمى بمعنى واحد.
وقوله: (حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا) بالبناء للمفعول، وهو بمعنى قوله في الرواية الماضية: "حتى جُلّي عن الشمس". وقوله: (قَرَأَ سُورَتَيْنِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) ظاهر هذا الحديث أن صلاته هاتين الركعتين لم يكن لأجل أنها صلاة الكسوف؛ لأنه إنما صلى بعد الانجلاء، وهو الزمان الذي يفرغ فيه من العمل فيها؛ لأنه الغاية التي مدّ فِعْلَ صلاة الكسوف إليها بقوله: "فصلُّوا حتى ينجليا"، فلا حجة للكوفيين، غير أنَّه قد روى أبو داود من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: "كَسَفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يصلي ركعتين ركعتين، ويسأل عنها حتى انجلت"، وهذا معتمد قويّ للكوفيين، غير أن الأحاديث المتقدّمة أصحّ وأشهر، ويصحّ حمل هذا الحديث على أنَّه بَيَّن فيه جواز مثل هذه الصلاة في الكسوف، وإن كان المتقرّر في الأحاديث المتقدّمة هو السنّة. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الأولى سلوك مسلك الترجيح، لا