وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "أقدم" ضبطناه بضم الهمزة، وفتح القاف، وكسر الدال المشدَّدة، ومعناه: أُقَدِّم نفسي، أو رجلي، وكذا صَرَّح القاضي عياض بضبطه، وضبطه جماعة: "أَقْدُم" بفتح الهمزة، وإسكان القاف، وضم الدال، وهو من الإقدام (?)، وكلاهما صحيح. انتهى (?).
وقوله: (وقَالَ الْمُرَادِيُّ: أَتَقَدَّمُ) بيان لاختلاف شيوخه في هذا اللفظ؛ يعني: أن شيخه محمد بن سلمة المراديّ قال في روايته: "أتقدّم" بدل قول حرملة وأبي طاهر: "أُقدِّم".
وقوله: (وَلَقَدْ رَأَيْت جَهَنَّمَ) فيه أنَّها مخلوقة موجودة، وهو مذهب أهل السنة.
وقوله: (يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا) من باب ضرب يضرب؛ أي: يكسره، ويزاحمه، كما يفعل البحر من شدّة الأمواج؛ يعني: أنَّها لشدة تلهبها واضطرابها، تشبه أمواج البحر التي يَحطِم بعضها بعضًا.
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "يحطم بعضها بعضًا" أي: يكسر بعضها على بعض، كما يفعل البحر، والحطم الكسر، وَيحْتَمِل أن يريد بذلك أن بعضها يأكل بعضًا، وبذلك سُمّيت جهنّم الْحُطَمَة، والرجل الْحُطَمة: الأَكُول. انتهى (?).
وقوله: (حِينَ رأيتموني تأخرت) فيه المتأخر عن مواضع العذاب والهلاك.
وقوله: (وَرَأَيْتُ فِيهَا ابْنَ لُحَيٍّ) وفي نسخة: "عمرو بن لُحَيّ" - بضم اللام، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الياء - هو عمرو بنِ لُحيّ بن قَمِعَة بن خِنْدِف، أبو خزاعة، وفيه دليل على أن بعض الناس معذب في نفس جهنم اليوم - عافانا الله، وسائر المسلمين -.
وقوله: (وَهُوَ الَّدِي سَيَّبَ السَّوَائِبَ) أي: شَرَعَ لقريش أن يتركوا النُّوق، ويُعفُوها من الحمل والركوب، ونحو ذلك للأصنام، كما سيأتي بيانه قريبًا.
وجملة "هو الذي ... إلخ" تعليل لمحذوف، كما بُيِّنَ في الروايات