قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: ومن لطيف المناسبة كون القَبُول نَصَرت أهل القبول، وكون الدَّبُور أهلكت أهل الإدبار، وأن الدبور أشدّ من الصبا؛ لأنها لما أهلكت عاداً لم يخرج منها إلا قدر يسير، ومع ذلك استأصلتهم، قال الله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)} [الحاقة: 8]، ولَمّا عَلِم الله تعالى رأفة نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقومه رجاء أن يسلموا سَلَّط عليهم الصبا، فكانت سبب رحيلهم عن المسلمين؛ لِمَا أصابهم بسببها من الشدّة، ومع ذلك فلم تُهلك منهم أحداً، ولم تستأصلهم.
ومن الرياح أيضاً الْجَنُوب والشمال، فهذه الأربع تَهُبّ من الجهات الأربع، وأيّ ريح هَبّت من بين جهتين منها، يقال لها: النَّكباء - بفتح النون، وسكون الكاف، بعدها موحّدة، ومدّ -. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الريح أربع: الشمال، وتأتي من ناحية الشام، وهي حارّة في الصيف، بارح (?)، والجنوب تقابلها، وهي الريح اليمانية، والثالثة: الصبا، وتأتي من مطلع الشمس، وهي القَبُول أيضاً، والرابعة: الدَّبُور، وتأتي من ناحية المغرب. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [5/ 2087 و 2088] (900)، و (البخاريّ) في "الاستسقاء" (1035) و"بدء الخلق" (3205) و"الأنبياء" (3342) و"المغازي" (4105)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (2641)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (11/ 433 - 434)، و (أحمد) في "مسنده" (1/ 228 و 324 و 341 و 355)،