وأعظمها بركةً، ولا سيما إذا كان من سحاب راعد، واجتمع في مستنقعات الجبال، وهوأرطب من سائر المياه؛ لأنه لم تَطُل مدته على الأرض، فيكتسبَ من يبوستها، ولم يخالطه جوهر يابس، ولذلك يتغير، وَيتَعَفَّن سريعاً للطافته، وسرعة انفعاله، وهل الغيث الربيعي ألطف من الشَّتَويّ، أو بالعكس؟ فيه قولان:

قال من رجّح الغيث الشتويّ: حرارة الشمس تكون حينئذ أقلّ، فلا تجتذب من ماء البحر إلا ألطفه، والجو صافٍ، وهو خالٍ من الأبخرة الدخانية، والغبار المخالط للماء، وكلّ هذا يوجب لطفه، وصفاءه، وخلوّه من مخالط.

وقال من رجّح الربيعيّ: الحرارة توجب تحلل الأبخرة الغليظة، وتوجب رقه الهواء، ولطافته، فيخفف بذلك الماء، وتقلّ أجزاؤه الأرضية، وتصادف وقت حياة النبات، والأشجار، وطيب الهواء. انتهى كلام ابن القيّم - رحمه الله - (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [4/ 2083] (898)، و (أبو داود) في "الأدب" (5100)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (1837)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد" (571)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 133 و 267)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (3426)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (2022) و"الحلية" (6/ 291)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (6135)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (3/ 359)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (1171)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): هذا الحديث قد تكلّم فيه الحافظ أبو الفضل بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015