لبعض: تقبل الله منا ومنكم" حسّنه السيوطي، وحسّنه الحافظ قبله في "الفتح" (?).

ومن ذلك ما أخرجه ابن حبّان في "الثقات" عن عليّ بن ثابت قال: سألت مالكاً عن قول الناس في العيد: تقبل الله مثا ومنك؟ فقال: ما زال الأمر عندنا كذلك.

ومن ذلك ما أخرجه زاهر بن طاهر عن محمد بن زياد الألهانيّ، قال: رأيت أبا أُمامة الباهليّ يقول في العيد لأصحابه: تقبل الله منا ومنكم، حسّنه السيوطيّ.

ومن ذلك ما أخرجه البيهقيّ عن آدم مولى عمر بن عبد العزيز قال: كنا نقول لعمر بن عبد العزيز في العيدين: تقبل الله منا ومنك يا أمير المؤمنين، فيردّ علينا مثله، ولا ينكر ذلك، وغير ذلك من الآثار التي أوردها السيوطيّ في تلك الرسالة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- في "مجموع الفتاوى" (24/ 253): أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد: تقبل الله منا ومنكم، وأحاله الله عليك، ونحو ذلك، فهذا قد رُوِيَ عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورَخص فيه الأئمة، كأحمد وغيره، لكن قال أحمد: أنا لا أبتدئ أحداً، فإن ابتدأني أحد أجبته، وذلك لأن جواب التحية واجب، وأما الابتداء بالتهنئة فليس بسنة مأموراً لها، ولا هو أيضًا مما نُهِي عنه، فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة، والله أعلم. انتهى كلام شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللهُ-.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي نُقِلَ عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- حسن جدًّا.

والحاصل أن التهنئة في الأصل مشروعة في مناسبات كثيرة، كما سبقت في الأحاديث الصحيحة المذكورة، وأما بخصوص يوم العيد فلم يُنقل مرفوعاً، وإنما نُقِلَ من آثار الصحابة - رضي الله عنهم - فمن بعدهم، فمن فعله فهم القدوة له، ومن تركه فحجّته عدم ثبوته مرفوعاً، فلا يُنكَر على من تركه، ولا على من فعله؛ لثبوت التهنئة في غير العيد بكثرة، ولفعل الصحابة - رضي الله عنهم - له في العيد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015