شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: بَيْنَمَا) تقدّم الكلام عليها غير مرّة، فلا تنس نصيبك (الْحَبَشَةُ) لغة في الحبش (يَلْعَبُونَ، عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِرَابِهِمْ) بكسر الحاء: جمع حربة (إِذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب) - رضي الله عنه - (فَأَهْوَى) وفي نسخة: "فأهوى بيده"؛ أي: مدّ يده، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وأهوى إلى سيفه بالألف: تناوله بيده، وأهوى إلى الشيء بيده: مدّها ليأخذه إذا كان عن قُرْب، فإن كان كان عن بُعد قيل: هَوَى إليه بغير ألف، وأهويت بالشيء بالألف: أومأت به. انتهى (?). (إِلَى الْحَصْبَاءِ) بالمدّ: هي الحصى الصغار (يَحْصِبُهُمْ بِهَا) أي: يرميهم بتلك الحصباء، يقال: حَصَبته حَصْباً، من ضرب، وفي لغة من باب قتل: رميته بالحصباء، وحَصَبْتُ المسجد وغيره: بسطته بالحصباء، وحصّبته بالتشديد مبالغة، فهو مُحَصّبٌ بالفتح (?).
وإنما حصبهم عمر - رضي الله عنه -؛ لظنّه أن هذا مما لا يليق بحرمة المسجد، وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يرهم، ولم يعلم بذلك (?).
وقال ابن التين -رَحِمَهُ اللهُ-: يَحْتَمِل أن يكون عمر - رضي الله عنه - لم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعلم أنه رآهم، أو ظنّ أنه رآهم، واستحيا أن يمنعهم، وهذا أولى؛ لقوله في الحديث: "وهم يلعبون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: وهذا لا يمنع الاحتمال المذكور أوّلاً، وَيحْتَمِل أن يكون إنكاره لهذا شبيه إنكاره على المغنيتين، وكان من شدّته في الدين يُنكر خلاف الأَولى، والجدّ في الجملة أولى من اللعب المباح، وأما النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فكان بصدد بيان الجواز. انتهى (?).
(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُمْ) أي: اتركهم على ما هم عليه من اللعب (يَا عُمَرُ") حيث إنه مباحٌ لهم؛ لكونه عيدًا للمسلمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.