وفي رواية البخاريّ: "فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجتُ مع مروان، وهوأمير المدينة في أضحى، أو فطر".
(فَخَرَجْتُ مُخَاصِرًا مَرْوَانَ) أي: مماشيًا له يده في يدي، هكذا فسّروه، قاله النوويّ (?)، وقال ابن الأثير: المخاصرة: أن يأخذ الرجل بيد رجل آخر يتماشيان، ويد كلّ واحد منهما عند خَصْرِ صاحبه. انتهى (?).
وزاد عبد الرزاق، عن داود بن قيس: "وهو بيني وبين أبي مسعود"؛ يعني: عقبة بن عمرو الأنصاريّ؛ يعني: أن مروان كان بينه وبين أبي مسعود -رضي الله عنه-.
(حَتَّى أَتَيْنَا الْمُصَلَّى فَإِذَا كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ) "إذا" للمفاجأة، وارتفاع "كثير" على أنه مبتدأ وخبره جملة (قَدْ بَنَى مِنْبَرًا مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ) والعامل في "إذا" معنى المفاجأة، والمعنى: فاجأنا كثير بن الصلت زمان الإتيان، وقيل: "إذا" حرف لا يَحتاج إلى عامل.
و"الطين" بالكسر: معروف، و"اللبِنُ" بفتح اللام، وكسر الموحّدة، آخره نون: ما يُعمل من الطين، ويُبنى به، والواحدة لَبِنةٌ، ويجوز التخفيف، فيصير مثل حِمْلٍ، قاله في "المصباح" (?).
قيل: إنما اختار له بناء المنبر باللبن والطين لا من الخشب؛ لكونه يُترك بالصحراء في غير حرز، فلا يُخاف عليه من النقل بخلاف منابر الجوامع (?).
[تنبيه]: "كثير" هو: ضدُّ القليل، و"الصَّلْتُ" بالتاء المثناة من فوقُ، وهو كثير بن الصَّلْت بن معاوبة الْكِنديّ، وُلد في عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقَدِمَ المدينة هو وإخوته بعده، فسكنها، وحالف بني جُمَح، وروى ابن سعد بإسناد صحيح إلى نافع، قال: كان اسم كثير بن الصلت قليلًا، فسماه عمر كثيرًا، ورواه أبو عوانة، فوصله بذكر ابن عمر، ورفعه بذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والأول أصحّ.
وقال الذهبيّ في "تجريد الصحابة": كثير بن الصَّلْت بن معدي كرب