وَمِنْهَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ، وَهُوَ اخْتِصَاصُ الزَّوْجِ بِمَنَافِعِ بُضْعِهَا وَسَائِرِ أَعْضَائِهَا اسْتِمْتَاعًا، وَمِنْهَا مِلْكُ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ، وَهُوَ صَيْرُورَتُهَا مَمْنُوعَةً عَنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ، وَمِنْهَا وُجُوبُ الْمَهْرِ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، وَمِنْهَا الْإِرْثُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَمِنْهَا وُجُوبُ الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ فِي حُقُوقِهِنَّ، وَمِنْهَا وُجُوبُ طَاعَتِهِ عَلَيْهَا إذَا دَعَاهَا إلَى الْفِرَاشِ، وَمِنْهَا وِلَايَةُ تَأْدِيبِهَا إذَا لَمْ تُطِعْهُ بِأَنْ نَشَزَتْ، وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ مُعَاشَرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْأَمْرُ فِي قَوْله تَعَالَى، {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] ، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لَهَا أَيْضًا وَالْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ الْإِحْسَانُ قَوْلًا، وَفِعْلًا وَخُلُقًا إلَى آخِرِ مَا فِي الْبَدَائِعِ، وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنْ لَا يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَكِنْ قَالَ: فِي التَّتِمَّةِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إنْ شَاءَتْ أَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَأَبْطَلَ صَاحِبُ الْمَشِيئَةِ مَشِيئَتَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ إذَا بَطَلَتْ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ نِكَاحًا بِغَيْرِ مَشِيئَةِ كَمَا قَالُوا فِي السَّلَمِ إذَا أَبْطَلَ الْخِيَارَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ السَّلَمُ.

وَلَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ: تَزَوَّجْتُك إنْ شِئْت ثُمَّ قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ شُرُوطٍ تَمَّ النِّكَاحُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إبْطَالِ الْمَشِيئَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ رَضِيَ فُلَانٌ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا فَقَالَ: قَدْ رَضِيت جَازَ النِّكَاحُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَاضِرٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِهِ قَدْ تَزَوَّجْتُك وَلِفُلَانٍ الرِّضَا؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ قَدْ وَجَبَ وَشَرْطُ خِيَارٍ وَالْأَوَّلُ لَمْ يُوجَبْ وَجَعَلَ الْإِيجَابَ مُخَاطَرَةً، وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ لَك الْمَشِيئَةَ الْيَوْمَ إلَى اللَّيْلِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَشَرْطِ الْخِيَارِ اهـ

هَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ قَالَ: قَبْلَهُ لَوْ قَالَتْ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْك إنْ رَضِيَ أَبِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْخَطَرِ. اهـ.

وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَبَ إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ وَرَضِيَ الْجَوَازَ ثُمَّ رَأَيْته فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ خَطَبَ بِنْتَ رَجُلٍ لِابْنِهِ فَقَالَ: أَبُوهَا زَوَّجْتهَا قَبْلَك مِنْ فُلَانٍ فَكَذَّبَهُ أَبُو الِابْنِ فَقَالَ: إنْ لَمْ أَكُنْ زَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ فَقَدْ زَوَّجْتهَا مِنْ ابْنِك، وَقَبِلَ أَبُو الِابْنِ ثُمَّ عَلِمَ كَذِبَهُ انْعَقَدَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْوُجُودِ تَحْقِيقٌ. اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى زَوَّجْت نَفْسِي مِنْك بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِي فَقَبِلَ لَا يَصِحُّ كَالتَّعْلِيقِ، وَإِضَافَتُهُ إلَى وَقْتٍ لَا يَصِحُّ وَصِفَتُهُ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ وَسُنَّةٌ وَحَرَامٌ، وَمَكْرُوهٌ، وَمُبَاحٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِأَنْ يَخَافَ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى تَرْكِ الْحَرَامِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا.

وَأَمَّا الثَّانِي فَبِأَنْ يَخَافَهُ لَا بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ إذْ لَيْسَ الْخَوْفُ مُطْلَقًا مُسْتَلْزِمًا بُلُوغَهُ إلَى عَدَمِ التَّمَكُّنِ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ قَوْلِ مَنْ عَبَّرَ بِالِافْتِرَاضِ وَبَيْنَ مَنْ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ. الْأَوَّلُ: مِلْكُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فَلَيْسَ مَنْ خَافَهُ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْهُمَا آثِمًا بِتَرْكِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. الثَّانِي: عَدَمُ خَوْفِ الْجَوْرِ فَإِنْ تَعَارَضَ خَوْفُ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَخَوْفُ الْجَوْرِ لَوْ تَزَوَّجَ قَدَّمَ الثَّانِيَ فَلَا افْتِرَاضَ بَلْ مَكْرُوهٌ كَمَا أَفَادَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْجَوْرَ مَعْصِيَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعِبَادِ وَالْمَنْعُ مِنْ الزِّنَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عِنْدَ التَّعَارُضِ لِاحْتِيَاجِهِ وَغِنَى الْمَوْلَى تَعَالَى، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَعِنْدَ الِاعْتِدَالِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَبِأَنْ يَخَافَ الْجَوْرَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ تَحْصِينِ النَّفْسِ وَتَحْصِيلِ الثَّوَابِ وَبِالْجَوْرِ يَأْثَمُ وَيَرْتَكِبُ الْمُحَرَّمَاتِ فَتَنْعَدِمُ الْمَصَالِحُ لِرُجْحَانِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ، وَأَمَّا الْخَامِسُ فَبِأَنْ يَخَافَهُ لَا بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَمَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ عِنْدَ خَوْفِ الْجَوْرِ فَمُرَادُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَيْنِ.

وَأَمَّا السَّادِسُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ قَدْ وَجَبَ وَشَرْطُ خِيَارٍ وَالْأَوَّلُ لَمْ يُوجِبْ إلَخْ) الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ هَكَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ قَدْ وَجَبَ وَشَرْطُ الْخِيَارِ لِغَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ مُخَاطَرَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ يَجُوزُ النِّكَاحُ، وَلَا يَصِحُّ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ مَا عَلَّقَ النِّكَاحَ بِالشَّرْطِ بَلْ بَاشَرَ النِّكَاحَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ فَيَبْطُلُ شَرْطُ الْخِيَارِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ رَضِيَ فُلَانٌ الْيَوْمَ إلَخْ، وَقِيَاسُ مُبْتَدَأٌ وَالْجَوَازُ خَبَرُهُ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي الظَّهِيرِيَّةِ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَعِبَارَةُ الظَّهِيرِيَّةِ هَكَذَا امْرَأَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ تَزَوَّجْتُك عَلَى كَذَا إنْ أَجَازَ أَبِي أَوْ رَضِيَ فَقَالَ: قَبِلْت لَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ: رَضِيت أَوْ أَجَزْت جَازَ. اهـ.

وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَنَقَلَهُ فِي النَّهْرِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّرْفِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَإِنَّ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مُشْكِلٌ أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ حُكْمِهِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّتِمَّةِ تُؤَيِّدُ تَفْصِيلَ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى تَرْكِ الْحَرَامِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا) قَالَ: فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ التَّرْكُ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ النِّكَاحِ، وَهُوَ التَّسَرِّي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ وُجُوبُهُ إلَّا لَوْ فَرَضْنَا الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ قَادِرًا عَلَيْهِ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى عَدَمُ وُرُودِ النَّظَرِ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إلَّا بِهِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: فَمُرَادُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَيْنِ) أَيْ قِسْمَيْ الْجَوْرِ، وَهُوَ الْقِسْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْخَامِسِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015