مَعَهَا إلَّا بِهِمَا وَفِي وُجُوبِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا لِيَحُجَّ مَعَهَا إنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا فَمَنْ قَالَ هُوَ شَرْطُ الْوُجُوبِ قَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَلِهَذَا لَوْ مَلَكَ الْمَالَ كَانَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْقَبُولِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَكَذَا لَوْ أُبِيحَ لَهُ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَجَبَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَرَجَّحَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُمَا مَعَ الصِّحَّةِ شُرُوطُ وُجُوبِ أَدَاءً بِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَجْرِي فِيهَا النِّيَابَةُ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا مُطْلَقًا تَوَسُّطًا بَيْنَ الْمَالِيَّةِ الْمَحْضَةِ وَالْبَدَنِيَّةِ الْمَحْضَةِ لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَهُمَا وَالْوُجُوبُ أَمْرٌ دَائِرٌ مَعَ فَائِدَتِهِ فَيَثْبُتُ مَعَ قُدْرَةِ الْمَالِ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي الْإِحْجَاجِ وَالْإِيصَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَمْنِ الطَّرِيقِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حُصُولِ الْأَمْنِ فَالِاتِّفَاقُ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَشَارَ بِاشْتِرَاطِ الْمَحْرَمِ، أَوْ الزَّوْجِ إلَى أَنَّ عَدَمَ الْعِدَّةِ فِي حَقِّهَا شَرْطٌ أَيْضًا بِجَامِعِ حُرْمَةِ السَّفَرِ عَلَيْهَا أَيِّ عِدَّةٍ كَانَتْ وَالْعِبْرَةُ لِوُجُوبِهَا وَقْتُ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهَا وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَدَّ الْمُعْتَدَّاتِ مِنْ النَّجَفِ بِفَتْحَتَيْنِ مَكَانٌ لَا يَعْلُوهُ الْمَاءُ مُسْتَطِيلٌ فَإِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي السَّفَرِ فَسَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ صَبِيٌّ، أَوْ عَبْدٌ فَبَلَغَ أَوْ عَتَقَ فَمَضَى لَمْ يَجُزْ عَنْ فَرْضِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ انْعَقَدَ لِلنَّفْلِ فَلَا يَنْقَلِبُ لِلْفَرْضِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا عِنْدَنَا لَكِنَّهُ شَبِيهٌ بِالرُّكْنِ مِنْ حَيْثُ إمْكَانُ اتِّصَالِ الْأَدَاءِ بِهِ فَاعْتَبِرْنَا الشَّبَهَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ احْتِيَاطًا وَفِي إسْنَادِ الْإِحْرَامِ إلَى الصَّبِيِّ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَعْقِلُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُهُ فَأَحْرَمَ عَنْهُ أَبُوهُ صَارَ مُحْرِمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَرِّدَهُ قَبْلَهُ وَيُلْبِسَهُ إزَارًا وَرِدَاءً وَلَمَّا كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ مُخَاطَبٍ كَانَ إحْرَامُهُ غَيْرَ لَازِمٍ وَلِذَا لَوْ أَحْصَرَ وَتَحَلَّلَ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا جَزَاءَ وَلَا قَضَاءَ، وَلَوْ جَدَّدَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَنَوَى الْفَرْضَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ لِعَدَمِ اللُّزُومِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ لِلُّزُومِ فَلَوْ جَدَّدَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لَا يَصِحُّ وَالْكَافِرُ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ فَلَوْ حَجَّ كَافِرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ فَأَفَاقَ، أَوْ أَسْلَمَ فَجَدَّدَا الْإِحْرَامَ أَجْزَأَهُمَا قِيلَ وَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا حَجَّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ إحْرَامُ الْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ إحْرَامٌ بِنَفْسِهِ وَكَوْنُ وَلِيِّهِ أَحْرَمَ عَنْهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمَجْنُونَ الْبَالِغَ كَالصَّبِيِّ فِي هَذَا الثَّانِي أَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا حَجَّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا حَجَّ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْحَجُّ إنَّمَا وُجِدَ الْإِحْرَامُ فَقَطْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْمَحْرَمَ إذَا قَالَ لَا أَخْرُجُ إلَّا بِالنَّفَقَةِ وَجَبَ عَلَيْهَا وَإِذَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا إلَخْ) جَزَمَ فِي اللُّبَابِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ يَحُجُّ بِهَا وَعَزَاهُ شَارِحُهُ إلَى الْبَدَائِعِ وَقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ قَالَ وَعَنْ ابْنِ شُجَاعٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْ لَا مَحْرَمَ لَهَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا يَحُجُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَدَّدَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ إلَخْ) كَذَا عِبَارَةُ أَغْلَبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ بِصِيغَةِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يُرَادَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ أَوْ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ الْوُقُوفِ وَعَلَى الثَّانِي مَشَى مُنْلَا عَلِيٌّ فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ فِي مَبْسُوطِهِ فِي آخِرِ بَابِ الْمَوَاقِيتِ وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ ثُمَّ احْتَلَمَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ إحْرَامَهُ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ فَحِينَئِذٍ يُجْزِئُهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ اهـ.
فَلَوْ وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَوْ لَحْظَةً ثُمَّ بَلَغَ لَيْسَ لَهُ التَّجْدِيدُ وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُ الْوُقُوفِ لِتَمَامِ حَجِّهِ إذْ الْحَجُّ بَعْدَ التَّمَامِ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ وَلَا يَصِحُّ أَدَاءُ حِجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مُحَمَّدٌ عِيدٌ فِي شَرْحِهِ خُلَاصَةِ النَّاسِكِ عَلَى لُبَابِ الْمَنَاسِكِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عُبَابِ الْمَسَالِكِ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ حَسَنٍ الْعَجِيمِيِّ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْعَفِيفُ فِي شَرْحِ مَنْسَكِهِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» فَمَنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَيَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَقَدْ قُلْنَا بِأَنَّ حَجَّهُ نَفْلًا صَحِيحٌ وَيَمْتَنِعُ أَدَاءُ حِجَّتَيْنِ نَفْلٍ وَفَرْضٍ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِفْتَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي زَمَانِنَا فَمِنْ الْعَصْرِيِّينَ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ صِحَّةِ تَجْدِيدِ الصَّبِيِّ الْإِحْرَامَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْوُقُوفِ وَهُوَ بِأَرْضِ عَرَفَةَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ النَّفْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي التَّذْكِرَةِ الْعَفِيفِيَّةِ فِي فِقْهِ الْحَنَفِيَّةِ اهـ.
مُلَخَّصًا مِنْ حَاشِيَةِ الْمَدَنِيِّ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ وَلِيِّهِ أَحْرَمَ عَنْهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ ظَاهِرٌ أَنَّ مُقْتَضَى صِحَّةِ إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ صِحَّتُهُ عَنْ الْمَجْنُونِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْعَقْلِ فِي كُلٍّ اهـ.
وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ أَقُولُ: وَفِي الْبَحْرِ الْعَمِيقِ لَا حَجَّ عَلَى مَجْنُونٍ مُسْلِمٍ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ إذَا حَجَّ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
قُلْت وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الصَّبِيِّ يُحْرِمُ عَنْهُ الْأَبُ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْمَجْنُونِ اهـ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قُبَيْلَ الْإِحْصَارِ وَكَذَا الصَّبِيُّ يَحُجُّ بِهِ أَبُوهُ وَكَذَا الْمَجْنُونُ يَقْضِي الْمَنَاسِكَ وَيَرْمِي الْجِمَارَ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الْأَبِ عَنْهُمَا وَهُمَا عَاجِزَانِ كَإِحْرَامِهِمَا بِنَفْسِهِمَا اهـ.
فَهَذِهِ النُّقُولُ