الْكِتَابَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّمَا هُوَ أَنَّهُ نَوَى الْيَوْمَ مَعَهَا وَهُنَا نَوَى بِاللَّيْلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الْكَافِي وَمَتَى دَخَلَ فِي اعْتِكَافِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَوَّالٍ وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ مِنْ كِتَابِ الْأُضْحِيَّةَ اللَّيْلَةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ تَبَعٌ لِنَهَارٍ يَأْتِي إلَّا فِي أَيَّامِ الْأَضْحَى تَبَعٌ لِنَهَارِ مَا مَضَى رِفْقًا بِالنَّاسِ. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ وَاللَّيَالِيُ كُلُّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَيَّامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ إلَّا فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا فِي حُكْمِ الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ فَلَيْلَةُ عَرَفَةَ تَابِعَةٌ لِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَلَيْلَةُ النَّحْرِ تَابِعَةٌ لِيَوْمِ عَرَفَةَ. اهـ.
فَتَحْصُلُ أَنَّهَا تَبَعٌ لِمَا يَأْتِي إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40] فَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيرِهِ إنَّ سُلْطَانَ اللَّيْلِ وَهُوَ الْقَمَرُ لَيْسَ يَسْبِقُ الشَّمْسَ وَهِيَ سُلْطَانُ النَّهَارِ وَقِيلَ تَفْسِيرُهُ اللَّيْلُ لَا يَدْخُلُ وَقْتَ النَّهَارِ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَرَاجِعْهُ فَعَلَى هَذَا إذَا ذَكَرَ الْمُثَنَّى، أَوْ الْمَجْمُوعَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيَخْرُجُ بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ نَذَرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ أَيَّامًا يَبْدَأُ بِالنَّهَارِ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ اللَّيْلَ فِي نَذْرِ الْأَيَّامِ إلَّا إذَا ذَكَرَ لَهُ عَدَدًا مُعَيَّنًا كَمَا لَا يَخْفَى ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى دَخَلَ فِي اعْتِكَافِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا وَلَا يُجْزِيهِ لَوْ فَرَّقَ وَمَتَى لَمْ يَدْخُلْ اللَّيْلُ جَازَ لَهُ التَّفْرِيقُ كَالتَّتَابُعِ فَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ لَزِمَهُ شَهْرٌ بِالْأَيَّامِ وَاللَّيَالِيِ مُتَتَابِعًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْأَيْمَان مِنْ الْجِنْسِ الثَّالِثِ فِي النَّذْرِ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرَانِ قَالَ صَوْمُ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ كَرَجَبٍ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّتَابُعُ، وَلَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ كَمَا فِي رَمَضَانَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ إنْ قَالَ مُتَتَابِعًا لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا وَإِنْ أَطْلَقَ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ وَفِي الِاعْتِكَافِ يَلْزَمُهُ بِصِفَةِ التَّتَابُعِ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ فِي الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ أَفْسَدَ يَوْمًا إنْ كَانَ شَهْرًا مُعَيَّنًا لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ. اهـ.
يَعْنِي: لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الصَّوْمِ إنْ ذَكَرَ التَّتَابُعَ وَفِي الِاعْتِكَافِ مُطْلَقًا وَعَلَّلَ لَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّ إيجَابَ الْعَبْدِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ مُتَتَابِعًا إذَا أَفْطَرَ فِيهِ يَوْمًا لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ كَصَوْمِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْإِطْلَاقُ فِي الِاعْتِكَافِ كَالتَّصْرِيحِ بِالتَّتَابُعِ بِخِلَافِ الْإِطْلَاقِ فِي نَذْرِ الصَّوْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَدُومُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَكَانَ مُتَّصِلَ الْأَجْزَاءِ وَمَا كَانَ مُتَّصِلَ الْأَجْزَاءِ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ لَيْلًا فَكَانَ مُتَفَرِّقًا وَمَا كَانَ مُتَفَرِّقًا فِي نَفْسِهِ لَا يَجِبُ الْوَصْلُ فِيهِ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ. اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي النَّذْرِ فَشَمِلَ مَا إذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ مُنْعَقِدٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّوْمِ وَالصَّوْمُ فِيهِ حَرَامٌ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ إنْ أَرَادَ يَمِينًا لِفَوَاتِ الْبَرِّ وَإِنْ اعْتَكَفَ فِيهِ أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ كَمَا فِي الصَّوْمِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ وَغَيْرِهَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ، أَوْ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فَاعْتَكَفَ قَبْلَهُ يَجُوزُ لِمَا أَنَّ التَّعْجِيلَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ جَائِزٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ هُنَا وَذَكَرُوا فِيهِ خِلَافًا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَكَذَا يَلْغُو تَعْيِينُ الْمَكَانِ كَمَا إذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَاعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ ثُمَّ عَاشَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ أَطْعَمَ عَنْهُ عَنْ جَمِيعِ الشَّهْرِ وَفِي الْكَافِي وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ دَائِرَةٌ لَكِنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ وَعِنْدَهُمَا تَكُونُ فِي رَمَضَانَ وَلَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ حَتَّى لَوْ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَيَّامِ الْأَضْحَى إلَخْ) قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ عِنْدَ ذِكْرِ رَمْيِ الْجِمَارِ وَلَوْ تَرَكَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ رَمَاهَا فِي اللَّيْلِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ فِي بَابِ الْمَنَاسِكِ تَبَعٌ لِلنَّهَارِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَلِهَذَا لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَيْلَةُ عَرَفَةَ تَابِعَةٌ لِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ) وَعَلَيْهِ فَلِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ لَيْلَتَانِ وَاحِدَةٌ قَبْلَهُ وَوَاحِدَةٌ بَعْدَهُ وَالْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ لَا لَيْلَةَ لَهُ وَلِذَا لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الرُّكْنِ إلَى الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَجَبَ دَمٌ كَمَا يَأْتِي، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ذَكَرَ لَهُ عَدَدًا مُعَيَّنًا) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ بِلَيْلَتِهِمَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَمْكُثُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَيَوْمَهَا وَاللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ وَيَوْمَهَا وَيَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَا هَذَا فِي الْأَيَّامِ الْكَثِيرَةِ يَدْخُلُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ لَيْلَةَ كُلِّ يَوْمٍ تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ اهـ.
فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ إذَا ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَدَدِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا هَذَا فِي الْأَيَّامِ الْكَثِيرَةِ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ جَمْعًا كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا لَا لَفْظَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ) أَيْ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ) أَيْ فِيهِ