وَالْفَرَطُ بِفَتْحَتَيْنِ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْإِنْسَانَ مِنْ وَلَدِهِ يُقَالُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا أَيْ أَجْرًا مُتَقَدِّمًا وَالْفَرَطُ الْفَارِطُ، وَهُوَ الَّذِي يَسْبِقُ الْوُرَّادَ إلَى الْمَاءِ، وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» أَيْ أَتَقَدَّمُكُمْ إلَيْهِ كَذَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ وَالْأَنْسَبُ هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي هُنَا كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا وَالذُّخْرُ بِضَمِّ الذَّالِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الذَّخِيرَةُ وَالْمُشَفَّعُ بِفَتْحِ الْفَاءِ مَقْبُولُ الشَّفَاعَةِ وَذَكَرَ الْيَمَنِيُّ فِي شَرْحِ الشِّهَابِ فِي بَحْثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَنَّ الثَّوَابَ هُوَ الْحَاصِلُ بِأُصُولِ الشَّرْعِ.

وَالْحَاصِلُ بِالْمُكَمِّلَاتِ يُسَمَّى أَجْرًا؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ لُغَةً بَدَلُ الْعَيْنِ وَالْأَجْرُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَالْمَنْفَعَةُ تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْأَجْرُ وَيُرَادُ بِهِ الثَّوَابُ وَبِالْعَكْسِ اهـ.

وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَدْعُو لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فِيهَا كَمَا يَدْعُو لِلْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ وَيَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ لِيُكَبِّرَ مَعَهُ لَا مَنْ كَانَ حَاضِرًا فِي حَالَةِ التَّحْرِيمَةِ) أَيْ وَيَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ لِيُكَبِّرَ مَعَ الْإِمَامِ لِلِافْتِتَاحِ فَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَةً أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا يُكَبِّرُ الْآتِي حَتَّى يُكَبِّرَ الْأُخْرَى بَعْدَ حُضُورِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكَبِّرُ حِينَ يَحْضُرُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ وَالْمَسْبُوقُ يَأْتِي بِهِ، وَلَهُمَا أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ وَالْمَسْبُوقُ لَا يَبْتَدِئُ بِمَا فَاتَهُ إذْ هُوَ مَنْسُوخٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعَ أَرْكَانٌ وَلَيْسَتْ الْأُولَى شَرْطًا كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ كَبَّرَ كَمَا حَضَرَ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ لَا تَفْسُدُ عِنْدَهُمَا لَكِنْ مَا أَدَّاهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَمَا كَبَّرَ الرَّابِعَةَ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ بِغَيْرِ دُعَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَضَى الدُّعَاءَ رُفِعَ الْمَيِّتُ فَيَفُوتُ لَهُ التَّكْبِيرُ وَإِذَا رُفِعَ الْمَيِّتُ قُطِعَ التَّكْبِيرُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا مَيِّتَ يُتَصَوَّرُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ رُفِعَتْ بِالْأَيْدِي، وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَكْتَافِ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا لَا يَنْتَظِرُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا حَالَةَ التَّحْرِيمَةِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُدْرِكِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُسْتَغْفَرُ لِصَبِيٍّ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْحَدِيثِ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ فَفِيهِ الِاسْتِغْفَارُ لِلصَّغِيرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْفَرُ لِلصَّبِيِّ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ قَوْلَهُ، وَلَا يُسْتَغْفَرُ لِصَغِيرٍ، وَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِغْفَارَ لِلصَّغِيرِ بَلْ الْمُرَادُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لِعُمُومِ الدَّاعِينَ فَالْمُرَادُ تَأْكِيدُ التَّعْمِيمِ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الْقُهُسْتَانِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فِيهَا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَفِي الْمُفِيدِ وَيَدْعُو لِوَالِدَيْ الطِّفْلِ وَقِيلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أَجْرَهُمَا وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ فِي كَلَامِهِ هُنَا الصَّبِيُّ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فِيهَا كَمَا يَدْعُو لِلْمَيِّتِ لَعَلَّهُ كَمَا يَدْعُو لِأَبَوَيْ الْمَيِّتِ يَعْنِي الصَّغِيرَ وَوَجْهُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَبَوَيْهِ فَإِذَا دَعَا لِأَبَوَيْهِ الْمُسْلِمَيْنِ فَبِالْأَوْلَى الدُّعَاءُ لِسَيِّدِهِ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ مُطْلَقًا فَلَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ بِالدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ فَكَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ بَلْ يَدْعُو لَهُ كَمَا يَدْعُو لِلْحُرِّ الْكَبِيرِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَبْدِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ الصَّغِيرَ يَدْعُو لِأَبَوَيْهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الصَّغِيرُ فَالْغَالِبُ كَوْنُ أَبَوَيْهِ كَافِرَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لِسَيِّدِهِ بَدَلَ أَبَوَيْهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الدُّعَاءَ لِأَبَوَيْ الْحُرِّ الصَّغِيرِ حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ الصَّغِيرَ وَيُجْعَلُ سَيِّدُهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبَوَيْنِ بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ الْعَبْدُ الْكَبِيرُ لَكِنَّ الدَّاعِيَ لِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ مُطْلَقًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَتَبِعَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا أَدَّاهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَتَفْسُدُ التَّكْبِيرَةُ مَعَ أَنَّ الْمَسْطُورَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ يَكُونُ شَارِعًا، وَعَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ مَا أَدَّاهُ وَهَذَا لَمْ أَرَ مَنْ أَفْصَحَ عَنْهُ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ عَدَمُ شُرُوعِهِ، وَلَا مِنْ اعْتِبَارِ شُرُوعِهِ اعْتِبَارُ مَا أَدَّاهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ صَحَّ شُرُوعُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَا أَدَّاهُ مِنْ السُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ بَلْ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْقُنْيَةِ. اهـ. وَهُوَ حَسَنٌ.

(قَوْلُهُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا حَالَةَ التَّحْرِيمَةِ) قَيَّدَ الْحُضُورَ فِي الدُّرَرِ بِكَوْنِهِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ صَدْرَ عِبَارَةِ الْمُجْتَبَى الْآتِيَةِ رَجُلٌ وَاقِفٌ حَيْثُ يُجْزِئُهُ الدُّخُولُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، فَإِنْ رُفِعَتْ عَلَى الْأَيْدِي، وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَكْتَافِ كَبَّرَ فِي الظَّاهِرِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَكْتَافِ، وَإِنْ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ كَبَّرَ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ فِي الْفَتْحِ لَوْ رُفِعَتْ قَطَعَ التَّكْبِيرَ إذَا رُفِعَتْ عَلَى الْأَكْتَافِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ إلَى الْأَرْضِ أَقْرَبَ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ لَا إذَا كَانَ إلَى الْأَكْتَافِ أَقْرَبَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015