مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا لِلدَّيْنِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ إذَا أَفْلَسَ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، وَهُوَ لَابِسُهَا وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ شَيْءٌ لِيُبَاعَ (قَوْلُهُ وَضَرُورَةً: مَا يُوجَدُ) ثَابِتٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَقَدْ شَرَحَ عَلَيْهِ مِسْكِينٌ وَبَاكِيرُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي نُسْخَةِ الزَّيْلَعِيِّ فَأَنْكَرَهَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ «بِحَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إلَّا نَمِرَةٌ فَكَانَتْ إذَا وُضِعَتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا وُضِعَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُغَطَّى رَأْسُهُ وَيُجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْإِذْخِرِ» وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَحْدَهَا لَا يَكْفِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ وَلُفَّ مِنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَمِينِهِ) أَيْ لُفَّ الْكَفَنُ مِنْ يَسَارِ الْمَيِّتِ ثُمَّ يَمِينِهِ وَكَيْفِيَّتُهُ: أَنْ تُبْسَطَ اللِّفَافَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْإِزَارُ فَوْقَهَا وَيُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَيْهِمَا مُقَمَّصًا ثُمَّ يُعْطَفَ عَلَيْهِ الْإِزَارُ وَحْدَهُ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ ثُمَّ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ لِيَكُونَ الْأَيْمَنُ فَوْقَ الْأَيْسَرِ ثُمَّ اللِّفَافَةُ كَذَلِكَ، وَفِي الْبَدَائِعِ، فَإِنْ كَانَ الْإِزَارُ طَوِيلًا حَتَّى يُعْطَفَ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ فَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَعُقِدَ إنْ خِيفَ انْتِشَارُهُ) صِيَانَةً عَنْ الْكَشْفِ.

(قَوْلُهُ وَكَفَنُهَا سُنَّةً: دِرْعٌ وَإِزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِمَارٌ وَخِرْقَةٌ تُرْبَطُ بِهَا ثَدْيَاهَا) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى اللَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ» وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا فَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا زَيْنَبُ، وَفِي أَبِي دَاوُد أَنَّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْقَمِيصَ لَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الدِّرْعَ، وَهُوَ الْأَوْلَى لِلِاخْتِلَافِ فِي الدِّرْعِ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ دِرْعُ الْمَرْأَةِ مَا تَلْبَسُهُ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَعَنْ الْحَلْوَانِيِّ مَا جَيْبُهُ إلَى الصَّدْرِ وَالْقَمِيصُ مَا شِقُّهُ إلَى الْمَنْكِبِ، وَلَمْ أَجِدْهُ أَنَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ اهـ.

وَاخْتُلِفَ فِي عَرْضِ الْخِرْقَةِ فَقِيلَ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى السُّرَّةِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى الرُّكْبَةِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ الْكَفَنُ بِالْفَخِذَيْنِ وَقْتَ الْمَشْيِ (قَوْلُهُ وَكِفَايَةً: إزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِمَارٌ) اعْتِبَارًا بِلُبْسِهَا حَالَ حَيَاتِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَيُكْرَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْخُلَاصَةِ كَفَنُ الْكِفَايَةِ لَهَا ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَلِفَافَةٌ فَلَمْ يَذْكُرْ الْخِمَارَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمَا فِي الْكِتَاب مِنْ عَدِّ الْخِمَارِ أَوْلَى، لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْهِدَايَةِ مَا عَدَا الْخِمَارَ بَلْ قَالَ: ثَوْبَانِ وَخِمَارٌ فَفَسَّرَهُمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِالْقَمِيصِ وَاللِّفَافَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَدَمُ التَّعْيِينِ بَلْ إمَّا قَمِيصٌ وَإِزَارٌ أَوْ إزَارَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَابُ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَلَعَلَّهُ كَوْنُ التَّعْبِيرِ بِالْأَوْلَى لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. اهـ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَخْذِ مِنْ الْحَيِّ لِاحْتِيَاجِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَيِّتُ. اهـ.

لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشْكَالَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ فَأَنَّى يَصِحُّ هَذَا الْجَوَابُ وَكَتَبَ الرَّمْلِيُّ هُنَا أَقُولُ: قَالَ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ يُكَفَّنُ بِكَفَنِ الْكِفَايَةِ وَيُقْضَى بِالْبَاقِي الدَّيْنُ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي إذَا كَانَ لِلْمَدْيُونِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ يُمْكِنُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا يَبِيعُ الْقَاضِي وَيَقْضِي الدَّيْنَ وَيَشْتَرِيَ بِالْبَاقِي ثَوْبًا يَكْفِيهِ فَكَذَا فِي الْمَيِّتِ الْمَدْيُونِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْمِنَحِ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَمْنَعُوا عَنْ كَفَنِ الْمِثْلِ. اهـ.

قُلْت: وَقَدْ صَرَّحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ شَرْحِ فَرَائِضِ مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالتَّصْحِيحِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ خِلَافُ الصَّحِيحِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَيُّ لَا يُمْكِنُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا وَعَلَى كُلٍّ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي نُسْخَةِ الزَّيْلَعِيِّ فَأَنْكَرَهَا) الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتِي وُجُودَهَا، وَلَمْ أَجِدْ إنْكَارَهَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُر الدِّرْعَ، وَهُوَ الْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَلَى قَمِيصِ الْمَرْأَةِ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الْقَامُوسِ، وَعَلَى مَا تَلْبَسُهُ فَوْقَ الْقَمِيصِ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُغْرِبِ فَكَانَ ذِكْرُ الْقَمِيصِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الدِّرْعِ، وَفِي ذِكْرِ الدِّرْعِ إيهَامُ الْمَعْنَى الثَّانِي لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ أَنَّى يُتَوَهَّمُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ وَتَلْبَسُ الدِّرْعَ أَوَّلًا اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِيهَامَ يَحْصُلُ أَوَّلًا ثُمَّ يَرْتَفِعُ بَعْدُ فَمَا لَا إيهَامَ فِيهِ أَصْلًا أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُذَكَّرٌ) أَيْ بِخِلَافِ الدِّرْعِ الْحَدِيدِ فَإِنَّهُ مُؤَنَّثٌ قَالَ تَعَالَى {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] قَالَ فِي الْقَامُوسِ، وَقَدْ يُذَكَّرُ (قَوْلُهُ مِنْ عَدِّ الْخِمَارِ أَوْلَى) قَالَ فَإِنَّ بِهَذَا يَكُونُ جَمِيعُ عَوْرَتِهَا مَسْتُورَةً بِخِلَافِ تَرْكِ الْخِمَارِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمَنْبَعِ وَالتَّنْوِيرِ وَمِثْلَ مَا فِي الْمَتْنِ عَنْ الْعُيُونِ وَالنُّقَايَةِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْمُشْكِلَاتِ وَالْمِفْتَاحِ وَالْمُلْتَقَى وَالْحَاوِي وَالْإِيضَاحِ وَمِثْلَ مَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْكَفَافِيِّ وَالتَّاجِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَمِثْلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمُبْتَغَى وَالْفَيْضِ وَعَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَلِفَافَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ وَقَالَ يُؤَيِّدُ مَا اسْتَظْهَرَهُ اخْتِلَافُ عِبَارَاتِهِمْ كَمَا نَقَلْنَاهُ فِي تَأْدِيَةِ الْكِفَايَةِ لَهَا لَكِنَّنَا لَمْ نَجِدْ ذِكْرَ الْإِزَارَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِبَارَاتِ وَلَعَلَّهُمْ لَاحَظُوا فِي تَرْكِ ذِكْرِهِ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْمَسْنُونِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ جَازَ ذَلِكَ أَيْضًا. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ هُوَ دَاخِلٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015