- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِك وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ، وَفِي الْمُحِيطِ وَلْيُسْرَعْ فِي جِهَازِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَجِّلُوا بِمَوْتَاكُمْ، فَإِنْ يَكُ خَيْرًا قَدَّمْتُمُوهُ إلَيْهِ، وَإِنْ يَكُ شَرًّا فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ» .
(قَوْلُهُ وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ مُجَمَّرٍ وِتْرًا) لِئَلَّا يَعْتَرِيَهُ نَدَاوَةُ الْأَرْضِ وَلِيَنْصَبَّ عَنْهُ الْمَاءُ عِنْدَ غُسْلِهِ، وَفِي التَّجْمِيرِ تَعْظِيمُهُ وَإِزَالَةُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَالْوِتْرُ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُدَارَ بِالْمِجْمَرَةِ حَوْلَ السَّرِيرِ مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَفِي النِّهَايَةِ وَالْكَافِي وَفَتْحِ الْقَدِيرِ أَوْ سَبْعًا، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَيْفِيَّةُ الْوَضْعِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: الْوَضْعُ طُولًا كَمَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِإِيمَاءٍ وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ الْوَضْعَ عَرْضًا كَمَا يُوضَعُ فِي الْقَبْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوضَعُ كَمَا تَيَسَّرَ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّرِيرَ يُجَمَّرُ قَبْلَ وَضْعِهِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُوضَعُ عَلَيْهِ كَمَا مَاتَ، وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى وَقْتِ الْغُسْلِ، وَفِي الْغَايَةِ يُفْعَلُ هَذَا عِنْدَ إرَادَةِ غُسْلِهِ إخْفَاءً لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَقَالَ الْقُدُورِيُّ إذَا أَرَادُوا غُسْلَهُ وَضَعُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَفِي التَّبْيِينِ وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ إلَى أَنْ يُغَسَّلَ، وَفِي الْمُغْرِبِ جَمَرَ ثَوْبَهُ وَأَجْمَرَهُ بَخَّرَهُ.
(قَوْلُهُ وَسَتْرُ عَوْرَتِهِ) إقَامَةً لِوَاجِبِ السَّتْرِ وَلِأَنَّ النَّظَرَ إلَيْهَا حَرَامٌ كَمَا فِي عَوْرَةِ الْحَيِّ وَأَطْلَقَ الْعَوْرَةَ فَشَمَلَتْ الْخَفِيفَةَ وَالْغَلِيظَةَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّبْيِينِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُجْتَبَى أَنَّهَا الْعَوْرَةُ الْغَلِيظَةُ تَيْسِيرًا وَلِبُطْلَانِ الشَّهْوَةِ وَجَعَلَهُ فِي الْكَافِي وَالظَّهِيرِيَّةِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَيَغْسِلُ عَوْرَتَهُ تَحْتَ الْخِرْقَةِ بَعْدَ أَنْ يَلُفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً لِتَصِيرَ الْخِرْقَةُ حَائِلَةً بَيْنَ يَدِهِ وَبَيْنَ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ حَرَامٌ كَالنَّظَرِ (قَوْلُهُ وَجُرِّدَ) أَيْ مِنْ ثِيَابِهِ لِيُمْكِنَهُمْ التَّنْظِيفُ وَتَغْسِيلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَمِيصِهِ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ قَالُوا: يُجَرَّدُ كَمَا مَاتَ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ تَحْمَى فَيُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغْيِيرُ.
(قَوْلُهُ وَوُضِّئَ بِلَا مَضْمَضَةٍ، وَلَا اسْتِنْشَاقٍ) ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ سُنَّةُ الِاغْتِسَالِ غَيْرَ أَنَّ إخْرَاجَ الْمَاءِ مُتَعَذِّرٌ فَيُتْرَكَانِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يَجْعَلُ الْغَاسِلُ خِرْقَةً فِي أُصْبُعِهِ يَمْسَحُ بِهَا أَسْنَانَهُ، وَلَهَاتَهُ وَلِثَتَهُ وَيُدْخِلُ فِي مَنْخِرَيْهِ أَيْضًا اهـ. .
وَفِي الْمُجْتَبَى، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَاسِلَ يَمْسَحُ رَأْسَ الْمَيِّتِ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَالْجُنُبِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا فِيهِمَا لَكِنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ، وَلَا يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ بَلْ بِوَجْهِهِ فَخَالَفَ الْجُنُبَ فِيهِمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِنْجَاءَ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَعِنْدَهُمَا يَسْتَنْجِي وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْبَالِغَ وَالصَّبِيَّ إلَّا أَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ لَا يُوَضَّأُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُصَلِّي
(قَوْلُهُ وَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ مَغْلِيٌّ بِسِدْرٍ أَوْ حُرْضٍ) مُبَالَغَةً فِي التَّنْظِيفِ؛ لِأَنَّ تَسْخِينَ الْمَاءِ كَذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ فِي تَحْقِيقِ الْمَطْلُوبِ فَكَانَ مَطْلُوبًا شَرْعًا وَمَا يُظَنُّ مَانِعًا، وَهُوَ كَوْنُ سُخُونَتِهِ تُوجِبُ انْحِلَالَهُ فِي الْبَاطِنِ فَيَكْثُرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ قَالُوا وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى يُغَسَّلَ. اهـ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِلَا مَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ) هَذَا لَوْ كَانَ طَاهِرًا أَمَّا لَوْ كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ فُعِلَا تَتْمِيمًا لِلطَّهَارَةِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ عَنْ شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ، وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ إطْلَاقُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ يَشْمَلُ مَنْ مَاتَ جُنُبًا وَكَذَلِكَ إطْلَاقُ الْفَتَاوَى وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِيهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ لَكِنَّ الْإِطْلَاقَ يَدْخُلُهُ. اهـ
وَفِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ أَنَّهُمَا لَا يُفْعَلَانِ وَعَزَاهُ إلَى الزَّيْلَعِيِّ قُلْتُ: وَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِيهِ وَنُقِلَ بَعْدَهُ عَنْ الشَّلَبِيِّ قَالَ فَمَا ذَكَرَهُ الْخَلْخَالِيُّ أَيْ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ مِنْ أَنَّ الْجُنُبَ يُمَضْمَضُ وَيُسْتَنْشَقُ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْكُتُبِ ثُمَّ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا ذَكَرَهُ الْخَلْخَالِيُّ يُتَّجَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ فِي غَسْلِ الشَّهِيدِ الْجُنُبِ، وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ يُتَّجَهُ عَلَى قَوْلِهِمَا بِعَدَمِ غَسْلِهِ. اهـ وَفِيهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْحَرَجِ يَقْتَضِي عَدَمَهُ عِنْدَهُمْ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ إخْرَاجَ الْمَاءِ مُتَعَذِّرٌ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إلَّا أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُمَضْمَضُ، وَلَا يُسْتَنْشَقُ؛ لِأَنَّ إدَارَةَ الْمَاءِ فِي فَمِ الْمَيِّتِ غَيْرُ مُمْكِنٍ ثُمَّ يَتَعَذَّرُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْفَمِ إلَّا بِالْكَبِّ وَأَنَّهُ مُثْلَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ، وَكَذَا الْمَاءُ لَا يَدْخُلُ الْخَيَاشِيمَ إلَّا بِالْجَذْبِ بِالنَّفَسِ وَذَا غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ كُلِّفَ الْغَاسِلُ بِذَلِكَ لَوَقَعَ فِي الْحَرَجِ. اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُصَلِّي) قَالَ الْحَلْوَانِيُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوُضُوءِ فِي حَقِّ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ فَأَمَّا الَّذِي لَا يَعْقِلُهَا فَيُغَسَّلُ، وَلَا يُوَضَّأُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يُصَلِّي فَتْحٌ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا لَا يُوَضَّأُ أَيْضًا، وَلَمْ أَرَهُ لَهُمْ وَأَنَّهُ لَا يُوَضَّأُ إلَّا مَنْ بَلَغَ سَبْعًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ حِينَئِذٍ. اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا بَحْثٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُقْتَضَى، وَالْمَانِعُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالتَّعْلِيقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْقِلْ وَكَوْنُهُ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يَصِلُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَعْدَ سَوْقِهِ كَلَامَ الْحَلْوَانِيِّ وَهَذَا التَّوْجِيهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ إذْ يُقَالُ إنَّ هَذَا الْوُضُوءَ سُنَّةُ الْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ لِلْمَيِّتِ لَا تَعَلُّقَ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ يُصَلِّي أَوَّلًا كَمَا فِي الْمَجْنُونِ اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي الْمَجْنُونِ أَنْ يُوَضَّأَ