الْأَفْضَلِ لِتَقَعَ الْأَفْعَالُ مُرَتَّبَةً بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إعَادَتُهُمَا وَاجِبَةً؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَذْكُورَ وَاجِبٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي وَلَئِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ وَاجِبًا فَقَدْ سَقَطَ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِآنِ التَّرْتِيبَ السَّاقِطَ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ إنَّمَا هُوَ تَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ، وَأَمَّا الْوَاجِبُ فِي الصَّلَاةِ إذَا تَرَكَهُ نَاسِيًا فَإِنَّ حُكْمَهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعُوا وُجُوبَ سُجُودِ السَّهْوِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي إعَادَتِهِ لِأَجْلِ تَرْكِهِ التَّرْتِيبَ فَالْمُعَلَّلُ لَهُ عَدَمُ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لَا عَدَمُ وُجُوبِ السُّجُودِ. أَطْلَقَ فِي السَّجْدَةِ فَشَمِلَتْ الصَّلَاتِيَّةَ وَالتِّلَاوِيَّةَ وَقَيَّدَ بِالتَّذَكُّرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فِي الْقُعُودِ الْأَخِيرِ فَسَجَدَهَا أَوْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ فَعَادَ لِقِرَاءَتِهَا ارْتَفَضَ مَا كَانَ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ فَرْضٌ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ السَّجْدَةَ الْمَتْرُوكَةَ عَقِبَ التَّذَكُّرِ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ فَيَقْضِيَهَا هُنَاكَ اهـ.
وَبِمَا ذُكِرَ هُنَا ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَلَّى رَكْعَةً وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً وَصَلَّى أُخْرَى وَسَجَدَ لَهَا فَتَذَكَّرَ الْمَتْرُوكَةَ فِي السُّجُودِ أَنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَيَسْجُدُ الْمَتْرُوكَةَ، ثُمَّ يُعِيدُ مَا كَانَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا ارْتَفَضَتْ فَيُعِيدُهَا اسْتِحْسَانًا اهـ.
فَإِنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّهَا لَا تَرْتَفِضُ وَأَنَّ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَمُقْتَضَى الِارْتِفَاضِ افْتِرَاضُ الْإِعَادَةِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِافْتِرَاضِ التَّرْتِيبِ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِهِ.
(قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ الْمَأْمُومُ الْوَاحِدُ لِلِاسْتِخْلَافِ بِلَا نِيَّةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ الصَّلَاةِ، وَتَعْيِينُ الْأَوَّلِ لِقَطْعِ الْمُزَاحَمَةِ وَلَا مُزَاحِمَ وَصَارَ الْإِمَامُ مُؤْتَمًّا إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَهُوَ عَلَى إمَامَتِهِ حَتَّى يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَمِرُّ عَلَى إمَامَتِهِ. أَطْلَقَ فِي الْمَأْمُومِ فَشَمِلَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ مِثْلَ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْخُنْثَى وَالْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ وَالْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ وَالْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ فِي الْقَضَاءِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ خَاصَّةً وَقِيلَ بِفَسَادِ صَلَاتِهِمَا وَالْأَصَحُّ فَسَادُ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي دُونَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَمْ تَتَحَوَّلْ عَنْهُ فَبَقِيَ إمَامًا وَبَقِيَ الْمُقْتَدِي بِلَا إمَامٍ لَهُ فَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ لِلْإِمَامَةِ فَإِطْلَاقُ الْمُخْتَصَرِ مُنْصَرِفٌ لِمَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ، وَأَمَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ فَأَجْمَعُوا عَلَى بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْمُسْتَخْلَفِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَأْمُومِ وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا فَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَوْمِ أَوْ يَتَعَيَّنُ هُوَ بِالْمُتَقَدِّمِ وَيَقْتَدِي بِهِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ أَمَّ رَجُلًا وَاحِدًا فَأَحْدَثَا جَمِيعًا وَخَرَجَا جَمِيعًا مِنْ الْمَسْجِدِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ فِي الْمَسْجِدِ. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لَمْ تَتَحَوَّلْ عَنْهُ) أَيْ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْمُؤْتَمِّ لَهَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ فَهُوَ عَلَى إمَامَتِهِ حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ وَعَادَ إلَى مَكَانِهِ صَحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ