بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ فَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِالْمَنْسُوخِ وَقَوَّاهُ بِمَا قَالُوا إنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فَرَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَرَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْبَدَائِعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ وَهُوَ مُفْسِدٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَإِلَّا ظَهَرَ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ لِمُوَافَقَتِهِ الْقَاعِدَةَ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي السَّهْوِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةِ

فَإِنْ تَابَعَهُ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّلْبِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ تَابَعَهُ فِي التَّكْبِيرِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَالْمُرَادُ مِنْ التَّكْبِيرِ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِصِحَّةِ اسْتِخْلَافِ الْمَسْبُوقِ إلَى صِحَّةِ اسْتِخْلَافِ اللَّاحِقِ وَالْمُقِيمِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْدِرَانِ عَلَى الْإِتْمَامِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا التَّقَدُّمُ، وَإِنْ تَقَدَّمَا يُقَدِّمَا مُدْرِكًا لِلسَّلَامِ أَمَّا الْمُقِيمُ فَلِأَنَّ الْمُسَافِرِينَ خَلْفَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ الْإِتْمَامُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُمْ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ الْإِقَامَةُ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ بِنِيَّةِ الْخَلِيفَةِ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فِي الْأَصْلِ. أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِمَامُ الْأَوَّلُ الْإِقَامَةَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْخَلِيفَةُ صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مُسَافِرٌ صَلَّى رَكْعَةً فَجَاءَ مُسَافِرٌ آخَرُ وَاقْتَدَى بِهِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ وَاسْتَخْلَفَ الْمَسْبُوقَ فَذَهَبَ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ لِلْوُضُوءِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ وَالْإِمَامُ الثَّانِي نَوَى الْإِقَامَةَ أَيْضًا، ثُمَّ جَاءَ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ كَيْفَ يَفْعَلُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إذَا حَضَرَ الْأَوَّلُ يَقْتَدِي بِالثَّانِي فِي الَّذِي هُوَ بَاقِي صَلَاتِهِ فَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ الثَّانِي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ يَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَيَسْتَخْلِفُ رَجُلًا مُسَافِرًا مِنْ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ بِالْقَوْمِ، ثُمَّ يَقُومُ الثَّانِي فَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ الثَّانِي وَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُ الْقَوْمِ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ الثَّانِي وَلَا فَرْضُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ اهـ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

وَأَمَّا اللَّاحِقُ فَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ تَقْدِيمُ غَيْرِهِ إذَا خَالَفَ الْوَاجِبَ بِأَنْ بَدَأَ بِإِتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُقَدِّمُ غَيْرَهُ لِلْإِتْمَامِ، ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِمَا فَاتَهُ مَعَهُ أَمَّا إذَا فَعَلَ الْوَاجِبَ بِأَنْ قَدَّمَ مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ لِيَقَعَ الْأَدَاءُ مُرَتَّبًا فَيُشِيرُ إلَيْهِمْ إذَا تَقَدَّمَ أَنْ لَا يُتَابِعُوهُ فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يُتَابِعُونَهُ وَيُسَلِّمُ بِهِمْ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ تَقْدِيمُ الْغَيْرِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِ الْوَاجِبِ انْتِظَارُهُمْ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَلِذَا إذَا تَقَدَّمَ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ رَجُلًا كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمَسْبُوقُ يُخَالِفُ اللَّاحِقَ فِي الْقَضَاءِ فِي سِتَّةِ أَشْيَاءَ: فِي مُحَاذَاةِ الْمَرْأَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالسَّهْوِ وَالْقَعْدَةِ الْأُولَى إذَا تَرَكَهَا الْإِمَامُ، وَفِي ضَحِكِ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعِ السَّلَامِ، وَفِي نِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِقَامَةَ إذَا قَيَّدَ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ. اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْمُحَاذَاةِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ اللَّاحِقِ

(قَوْلُهُ فَلَوْ أَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ تَفْسُدُ بِالْمُنَافِي صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ) أَيْ لَوْ أَتَمَّ الْمَسْبُوقُ الْخَلِيفَةُ صَلَاةَ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ فَأَتَى بِمَا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ ضَحِكٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ انْحِرَافٍ عَنْ الْقِبْلَةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ دُونَ صَلَاةِ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ فِي حَقِّهِ وُجِدَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَفِي حَقِّهِمْ بَعْدَ إتْمَامِ أَرْكَانِهَا أَرَادَ بِالْقَوْمِ الْمُدْرِكِينَ، وَأَمَّا مَنْ حَالُهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ اهـ.

قُلْتُ: وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ تَجُوزُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَكَانَ وَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّهُ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رَكْعَةً غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهَا وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ صَحَّ كَوْنُهُ قَاضِيًا لَمَا فَسَدَتْ بِخِلَافِ الْأُولَى لِمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِيهَا فَلَمْ تَكُنْ الرَّكْعَةُ كُلُّهَا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهَا (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَخَلْفَهُ قَوْمٌ مُسَافِرُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الْمُسَافِرِينَ خَلْفَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ الْإِتْمَامُ (قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مُسَافِرٌ صَلَّى رَكْعَةً) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَخَلْفَهُ قَوْمٌ مُسَافِرُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يُسَلِّمُ بِالْقَوْمِ (قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ الْمَسْبُوقُ) أَيْ الْمُسَافِرُ الْآخَرَ الَّذِي اقْتَدَى بِهِ بَعْدَمَا صَلَّى رَكْعَةً (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقُومُ الثَّانِي) أَيْ الْإِمَامُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَالْمَقَامُ مَقَامُ إضْمَارٍ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِالْفَاعِلِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْخَلِيفَةِ الثَّانِي الْمُدْرِكِ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ الثَّانِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ الَّذِي خَلَفَهُ الْخَلِيفَةُ الَّذِي سَلَّمَ بِالْقَوْمِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْضُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ صَوَابُهُ وَلَا بِنِيَّةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ اهـ.

أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْعِبَارَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) أَقُولُ: عِبَارَةُ الْفَتْحِ هَكَذَا وَكَمَا يُقَدِّمُ مُدْرِكًا لِلسَّلَامِ لَوْ تَقَدَّمَ كَذَا لِآخَرَانِ أَمَّا الْمُقِيمُ فَلِكَذَا، وَأَمَّا اللَّاحِقُ فَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ تَقْدِيمُ غَيْرِهِ إلَخْ أَيْ تَقْدِيمُهُ لِلسَّلَامِ كَمَا هُوَ مَبْنَى التَّفْصِيلِ وَهَذَا أَيْضًا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ لِلسَّلَامِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا إذَا خَالَفَ الْوَاجِبَ فَسَقَطَ النَّظَرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015