أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمْ شُرَيْحٌ خَالَفُوهُ وَذَهَبُوا إلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ اخْتِيَارُ فُقَهَائِهِمْ لِلْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ فَصَرْفُهُ فِي غَيْرِ الْمَصَارِفِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَرِثُ مَعَ ذِي سَهْمٍ وَعَصَبَةٍ سِوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِمَا) أَيْ لَا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِ ذَوِي فَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ إلَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْفَرْضِ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فَيَرِثُونَ مَعَهُ لِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ أَوْلَى.

وَكَذَا الرَّدُّ عَلَى ذِي السِّهَامِ أَوْلَى مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ إلَّا الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَا قَرَابَةَ لَهُمَا مَعَ الْمَيِّتِ فَلِهَذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا مَا فَضَلَ مِنْ فَرْضِهِمَا، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَرُدُّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ أَيْضًا، وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَرْتِيبُهُمْ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ) يَعْنِي: تَرْتِيبُ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْإِرْثِ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ يُقَدَّمُ فُرُوعُ الْمَيِّتِ كَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ، وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ أُصُولُهُ كَالْأَجْدَادِ الْفَاسِدِينَ وَالْجَدَّاتِ الْفَاسِدَاتِ، وَإِنْ عَلَوْا، ثُمَّ فُرُوعُ أَبَوَيْهِ كَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَبَنِي الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ، وَإِنْ نَزَلُوا، ثُمَّ فَرْعُ جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ كَالْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ لِأُمٍّ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَإِنْ بَعُدُوا فَصَارُوا أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ أَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ الْأُصُولُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ أَقْرَبُ كَمَا فِي الْعَصَبَاتِ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَهُمْ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ: الْبَنَاتُ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْأَخِ، وَبِنْتُ الْعَمِّ، وَالْخَالُ، وَالْخَالَةُ، وَأَبُ الْأُمِّ وَعَمُّ الْأُمِّ وَالْعَمَّةُ وَوَلَدُ الْأَخِ وَمَنْ أَدْلَى بِهِمْ وَفِي الْعُثْمَانِيِّ وَهُمْ خَمْسَةُ أَصْنَافٍ أَوَّلُهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَالثَّانِي الْجَدُّ الْفَاسِدُ وَالْجَدَّاتُ، وَالثَّالِثُ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ، وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ، وَالْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَةِ كُلُّهُمْ وَالرَّابِعُ الْأَعْمَامُ لِأُمٍّ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ، وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ وَالْخَامِسُ عَمَّاتُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ كُلُّهُمْ وَأَخْوَالُهُمْ وَخَالَاتُهُمْ وَأَعْمَامُ الْأَبَاءِ بِالْأُمِّ وَأَعْمَامُ الْأُمَّهَاتِ كُلُّهُمْ وَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ فَأَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَوَّلُهُمْ، ثُمَّ ثَانِيهِمْ، ثُمَّ ثَالِثُهُمْ، ثُمَّ رَابِعُهُمْ، ثُمَّ خَامِسُهُمْ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَدَّ الْفَاسِدَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادِ بَنَاتِ الِابْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ الْفَاسِدِ، أَبُو الْأُمِّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَوْلَى مِنْ وَلَدِهِ، وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَوْلَى مِنْ أَبَوَيْهِ عِنْدَهُمَا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِمَا فِي تَقْدِيمِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْحُكْمُ فِيهِمْ أَنَّهُ إذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَالِ وَهَذَا لِأَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَرِثُونَ عَلَى التَّعْصِيبِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْقَرَابَةِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ، وَالْعَصَبَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ذَكَرٌ يُدْلِي بِعَصَبَةٍ ذَكَرٍ، وَلَا يَكُونُ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ فَفِي حَقِّ ذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا لَمْ تُوجَدْ الذُّكُورَةُ وَالْإِدْلَاءُ إلَى الْمَيِّتِ بِعَصَبَةٍ ذَكَرٍ وُجِدَ الْمَعْنَى الْآخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ قَرِيبٌ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ وَكَانُوا عَصَبَةً مِنْ وَجْهٍ فَيُعْتَبَرُ بِمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَنْ يَسْتَحِقَّ جَمِيعَ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَ، وَكَذَا هُنَا وَهُمْ فِي الْحَاصِلِ أَصْنَافٌ صِنْفٌ يَنْتَهِي إلَى الْمَيِّتِ، وَهُوَ السَّاقِطُ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا بِالسَّاقِطِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ عَلَى ضَرْبَيْنِ ثَابِتٌ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَهُوَ بِنْتُ الِابْنِ أَوْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَصَبَاتِ وَهُوَ ابْنُ الِابْنِ وَسَاقِطٌ هُوَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَيْهِ الْمَيِّتُ كَالْجَدِّ الْفَاسِدِ وَالْجَدَّةِ الْفَاسِدَةِ، وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ الْمَيِّتِ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ كُلِّهَا.

وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى جَدَّيْ الْمَيِّتِ كَالْأَعْمَامِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِأَبٍ وَصِنْفٌ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ جَدَّيْ الْمَيِّتِ، وَهُوَ أَعْمَامُ الْأَبِ وَعَمَّاتُهُ وَأَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ وَأَعْمَامُ الْأُمِّ كُلُّهُمْ وَعَمَّاتُهَا وَأَخْوَالُهَا وَخَالَاتُهَا وَأَوْلَادُهُمْ وَفِي الْكَافِي وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يُحْجَبُونَ بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَيْ يَرِثُونَ مَعَهَا فَيُعْطَى الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ نَصِيبَهُ، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا سَنَعْرِفُهُ مِثَالُهُ زَوْجٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ وَخَالَةٌ وَبِنْتُ عَمٍّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْبِنْتِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الصِّنْفِ الْأَوَّلِ فَأَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمَيِّتِ حَتَّى كَانَتْ بِنْتُ الْبِنْتِ أَوْلَى مِنْ بِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَمَنْ كَانَ وَلَدَ الْوَارِثِ فَهُوَ أَوْلَى مِثَالُهُ إذَا تَرَكَ بِنْتَ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتَ بِنْتِ ابْنٍ فَالْمَالُ لِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا وَارِثَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ ابْنَ ابْنِ بِنْتٍ، وَبِنْتَ بِنْتِ ابْنٍ فَالْمَالُ لِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ، وَالْآخَرُ وَلَدَ الْوَارِثِ لَا يَكُونُ أَوْلَى، وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى إنَّهُ إذَا تَرَكَ بِنْتَ بِنْتِ الْبِنْتِ وَبِنْتَ بِنْتِ ابْنِ ابْنٍ كَانَ بِنْتُ بِنْتِ الْبِنْتِ أَوْلَى لِكَوْنِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015