يَخْطُبُ فَقَالَ أَصَلَّيْت يَا فُلَانُ قَالَ لَا قَالَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» وَسَمَّاهُ النَّسَائِيّ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيَّ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْسَكَ لَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيّ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْأَوَّلِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ إذْ النَّفَلُ مَكْرُوهٌ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَوَقْتِهَا سَوَاءٌ أَمْسَكَ الْخَطِيبُ عَنْهَا أَوْ لَا، أَطْلَقَ الْخُطْبَةَ فَشَمِلَتْ كُلَّ خُطْبَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ أَوْ كُسُوفٍ أَوْ اسْتِسْقَاءٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَوْ حَجٍّ وَهِيَ ثَلَاثٌ أَوْ خَتْمٌ أَيْ خَتْمُ الْقُرْآنِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى أَوْ خُطْبَةَ نِكَاحٍ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَإِلَى هُنَا صَارَتْ الْأَوْقَاتُ الَّتِي تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا ثَمَانِيَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الْخُطْبَةِ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ فَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا وَمِنْهَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَإِنَّ التَّطَوُّعَ مَكْرُوهٌ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ وَمِنْهَا التَّنَفُّلُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَا فِي الْبَيْتِ وَمِنْهَا التَّنَفُّلُ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنْهَا وَقْتُ الْمَكْتُوبَةِ إذَا ضَاقَ يُكْرَهُ أَدَاءُ غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهِ وَمِنْهَا وَقْتُ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ وَمِنْهَا وَقْتُ حُضُورِ الطَّعَامِ إذَا كَانَتْ النَّفْسُ تَائِقَةً إلَيْهِ وَالْوَقْتُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ مَا يَشْغَلُ الْبَالَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَيُخِلُّ بِالْخُشُوعِ كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الشَّاغِلُ، كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَذُكِرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِأَدَاءِ الْعِشَاءِ لَا غَيْرُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ هُوَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ فِي التَّأْخِيرِ فَقَطْ.

[الجمع بين الصلاتين في وقت بعذر]

(قَوْلُهُ: وَعَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ) أَيْ مُنِعَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِسَبَبِ الْعُذْرِ لِلنُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ بِتَعْيِينِ الْأَوْقَاتِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ مِثْلِهِ وَلِرِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةً قَطُّ إلَّا لِوَقْتِهَا إلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ» ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَمَحْمُولٌ عَلَى الْجَمْعِ فِعْلًا بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَيُحْمَلُ تَصْرِيحُ الرَّاوِي بِالْوَقْتِ عَلَى الْمَجَازِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَالْمَنْعُ عَنْ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ عِنْدَنَا مُقْتَضٍ لِلْفَسَادِ إنْ كَانَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَلِلْحُرْمَةِ إنْ كَانَ جَمْعَ تَأْخِيرٍ مَعَ الصِّحَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَى جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَقَدْ شَاهَدْت كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فِي الْأَسْفَارِ خُصُوصًا فِي سَفَرِ الْحَجِّ مَاشِينَ عَلَى هَذَا تَقْلِيدًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ يُخِلُّونَ بِمَا ذَكَرَتْ الشَّافِعِيَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ الشُّرُوطِ لَهُ فَأَحْبَبْت إيرَادَهَا إبَانَةً لِفِعْلِهِ عَلَى وَجْهِهِ لِمُرِيدِهِ، اعْلَمْ أَنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ فِعْلَ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا أَفْضَلُ إلَّا لِلْحَاجِّ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَفِي حَقِّ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ قَالُوا شُرُوطُ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى وَنِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَمَحِلُّ هَذِهِ النِّيَّةِ عِنْدَ التَّحْرِيمِ أَعْنِي فِي الْأُولَى وَيَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا فِي الْأَظْهَرِ وَلَوْ نَوَى مَعَ السَّلَامِ مِنْهَا جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُوَالَاةُ بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ، فَإِنْ طَالَ وَجَبَ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ وَمَا عَدَّهُ الْعُرْفُ فَصْلًا طَوِيلًا فَهُوَ طَوِيلٌ يَضُرُّ وَمَالًا فَلَا وَلِلْمُتَيَمِّمِ الْجَمْعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي جَوَازِنَا تَأْخِيرُ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ سِوَى تَأْخِيرِهَا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ نَوَى، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً كَفَى عَلَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ وَاعْتُبِرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْرُ الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَمَا ذَكَرْنَا وَأَخَّرَ عَصَى فِي التَّأْخِيرِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَضَاءً قَالُوا وَإِذَا كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى فَتَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ نَازِلًا فَتَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِ الْأُولَى أَفْضَلُ ذَكَرَهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي مَنَاسِكِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْأَذَانِ]

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [التَّنَفُّلِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ]

(قَوْلُهُ: أَوْ كُسُوفٍ) فِيهِ أَنَّ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا مَذْهَبُنَا تَأَمَّلْ، وَأَمَّا خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ فَهِيَ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ

[الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ]

(بَابُ الْأَذَانِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015