وَالْمُعَلِّمُ يَضْرِبُهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ بِتَمْلِيكِ أَبِيهِ لِمَصْلَحَةِ الْعِلْمِ وَأَمَّا ضَرْبُ الزَّوْجَةِ فَجَائِزٌ فِي مَوَاضِعَ أَرْبَعَةٍ وَمَا فِي مَعْنَاهَا عَلَى تَرْكِ الزِّينَةِ لِزَوْجِهَا وَهُوَ يُرِيدُهَا وَتَرْكِ الْإِجَابَةِ إلَى الْفِرَاشِ وَتَرْكِ الْغُسْلِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ.
وَفِي ضَرْبِ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ كَذَا قَالُوا وَمِمَّا فِي مَعْنَاهَا مَا إذَا ضَرَبَتْ جَارِيَةَ زَوْجِهَا غَيْرَةً وَلَا تَتَّعِظُ بِوَعْظِهِ فَلَهُ ضَرْبُهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا إذَا ضَرَبَتْ الْوَلَدَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ عِنْدَ بُكَائِهِ لِأَنَّ ضَرْبَ الدَّابَّةِ إذَا كَانَ مَمْنُوعًا فَهَذَا أَوْلَى وَمِنْهُ مَا إذَا شَتَمَتْهُ أَوْ مَزَّقَتْ ثِيَابَهُ أَوْ أَخَذَتْ لِحْيَتَهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ يَا حِمَارُ يَا أَبْلَهُ أَوْ لَعَنَتْهُ سَوَاءٌ شَتَمَهَا أَوْ لَا عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ وَمِنْهُ مَا إذَا شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا وَمِنْهُ مَا إذَا كَشَفَتْ وَجْهَهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ كَلَّمَتْ أَجْنَبِيًّا أَوْ تَكَلَّمَتْ عَامِدًا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ شَاغَبَتْ مَعَهُ لِيَسْمَعَ صَوْتَهَا الْأَجْنَبِيُّ وَمِنْهُ مَا إذَا أَعْطَتْ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ بِلَا إذْنِهِ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ لَمْ تَجْرِ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُسَامَحَةَ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ بِلَا مَشُورَةِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا وَمِنْهُ مَا إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا طَلَبَتْ نَفَقَتَهَا أَوْ كِسْوَتَهَا وَأَلَحَّتْ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ يَدَ الْمُلَازَمَةِ وَلِسَانَ التَّقَاضِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ النَّوْعِ الثَّالِثِ فِي الضَّرْبِ مِنْ الِاخْتِيَارِ
(قَوْلُهُ وَنَزْعُ السَّرْجِ وَالْإِيكَافِ وَالْإِسْرَاجُ بِمَا لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ) يَعْنِي لَوْ اكْتَرَى حِمَارًا بِسَرْجٍ فَنَزَعَ السَّرْجَ فَأَسْرَجَهُ سَرْجًا لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ أَوْ أَوْكَفَهُ مُطْلَقًا أَوْ نَزَعَ الْإِكَافَ وَأَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ فَعَطِبَ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْإِكَافَ يُسْتَعْمَلُ لِغَيْرِ مَا يُسْتَعْمَلُ لَهُ السَّرْجُ وَهُوَ الْحَمْلُ وَأَثَرُهُ يُخَالِفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَنْبَسِطُ انْبِسَاطَ السَّرْجِ فَكَانَ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ خِلَافًا إلَى جِنْسِ غَيْرِ الْمُسَمَّى فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْفِيًا شَيْئًا مِنْ الْمُسَمَّى فَيَضْمَنُ الْكُلَّ كَمَا لَوْ أَبْدَلَ الْحَدِيدَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِإِكَافٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ مِثْلِهِ أَوْ أَسْرَجَهَا مَكَانَ الْإِكَافِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْإِكَافِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِسَرْجٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ يُوكِفُ مِثْلَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا عُرْيَانَةً فَأَسْرَجَهَا وَرَكِبَهَا ضَمِنَ قَالَ مَشَايِخُنَا إنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَكْرِي مِنْ الْأَشْرَافِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ يَرْكَبُونَ عُرْيَانًا ضَمِنَ وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ السَّرْجَ وَالْإِكَافَ وَسَلَّمَهَا عُرْيَانَةً فَرَكِبَهَا بِهَذَا أَوْ بِهَذَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَرْكَبُ بِسَرْجٍ يَضْمَنُ إذَا رَكِبَهَا بِإِكَافٍ وَإِنْ كَانَ يَرْكَبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ إذَا رَكِبَهَا بِهَذَا أَوْ بِهَذَا قَالَ تَأْوِيلُهُ إذَا رَكِبَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ الْمَشَايِخِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَصَحَّحَ قَاضِي خان فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمَانَ مُطْلَقًا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ لِأَنَّهُ خِلَافُهُ صُورَةً وَمَعْنًى وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ ضَمَانَ قَدْرِ الزِّيَادَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِغَيْرِ لِجَامٍ فَأَلْجَمَهَا لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَلْجَمَ بِلِجَامٍ لَا يُلْجِمُ مِثْلُهَا. اهـ.
وَكَذَا إذَا أَبْدَلَهُ لِأَنَّ الْحِمَارَ لَا يَخْتَلِفُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْ نَزَعَ الْإِكَافَ فَأَسْرَجَهُ بِمَا لَا يُسَرَّجُ مِثْلُهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ اكْتَرَى حِمَارًا بِإِكَافٍ فَأَسْرَجَهُ وَنَزَعَ الْإِكَافَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ضَرَرَ السَّرْجِ أَقَلُّ مِنْ ضَرَرِ الْإِكَافِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا هُنَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أَبْدَلَهُ لِأَنَّ الْحِمَارَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَا يَضْمَنُ وَعِبَارَةُ غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِجَامٌ فَأَلْجَمَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يُلَجَّمُ بِذَلِكَ اللِّجَامِ وَكَذَلِكَ إنْ أَبْدَلَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِمَارَ لَا يَخْتَلِفُ بِاللِّجَامِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَتْلَفُ بِهِ فَلَمْ يَضْمَنْ بِإِلْجَامِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِينُ قَالَ أُسْتَاذُنَا مُؤَلَّفُ هَذِهِ الْحَوَاشِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَعَادَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ صَالِحِ دَعَوَاتِهِ وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِ تَحْتَ لِوَاءِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى قَدْ انْتَهَى هَذَا السِّفْرُ الْمُبَارَكُ وَالسِّفْرَانِ اللَّذَانِ قَبْلَهُ قِرَاءَةً وَمُقَابَلَةً وَتَصْحِيحًا وَكِتَابَةً عَلَى الْهَامِشِ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ مَعَ قِرَاءَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لِلشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْحَصْفَكِيِّ وَحَاشِيَتِهِ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ الْمَدَارِيِّ وَكِتَابَةٍ عَلَى هَامِشِهِمَا وَضَبْطِهِمَا وَتَصْحِيحِهِمَا عَلَى جَنَابِ شَيْخِنَا فَقِيهِ عَصْرِهِ السَّيِّدِ مُحَمَّد سَعِيد الْحَلَبِيِّ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ وَأَنَالَهُ مَا أَمَّلَهُ وَتَمَنَّاهُ وَقُلْت شِعْرًا.
رَكِبْنَا جَوَادَ الْفِكْرِ فِي مَهْمَهِ الْبَرِّ ... وَخُضْنَا بِفُلْكِ الْعُمْرِ فِي لُجَجِ الْبَحْرِ
وَغُصْنَا بِصَافِي اللُّبِّ تَيَّارَ عُمْقِهِ ... إلَى أَنْ تَحَلَّيْنَا مِنْ الْكَنْزِ بِالدُّرِّ
وَعُدْنَا وَقَدْ أَوْفَى لَنَا الدَّهْرُ وَعْدَهُ ... وَزَاحَتْ سَحَابُ الْهَمِّ عَنْ أُفُقِ الصَّدْرِ
إلَى أَنْ بَدَا الْبَرُّ الْمُنِيرُ لَنَا وَقَدْ ... مَلَأْنَا نَوَاحِي الْبَرِّ بِالرِّفْدِ وَالْبِرِّ
فَشُكْرًا لِرَبٍّ قَدْ تَعَاظَمَ فَضْلُهُ ... عَلَيْنَا وَحَمْدًا فَائِقَ الْعَدِّ وَالْحَصْرِ
وَسَقْيًا لِزَيْنِ الدَّيْنِ رَائِدِ فُلْكِهِ ... خِتَامِ ذَوِي التَّحْقِيقِ مُنْشِئِ ذَا السِّفْرِ
فَلِلَّهِ مَا أَبْدَى وَلِلَّهِ دَرُّهُ ... وَلِلَّهِ مَا أَهْدَى جَزَى أَعْظَمَ الْأَجْرِ
فَقَدْ أُودِعَتْ أَفْكَارُهُ غُرُرًا بِهَا ... يُقِرُّ جَمِيعُ الْحَاسِدِينَ عَلَى الْقَسْرِ
وَرَعْيًا لِشَيْخِ الْعَصْرِ سَيِّدِنَا الَّذِي ... رَقَى ذِرْوَةَ التَّحْقِيقِ أَوْحَدَ ذَا الْعَصْرِ
وَفَاقَ عَلَى أَهْلِ الْفَضَائِلِ كُلِّهِمْ ... بِخَفْضِ جَنَاحِ النَّفْسِ مَعْ رِفْعَةِ الْقَدْرِ
وَحَلَّ بِفِكْرٍ ثَاقِبٍ كُلَّ مُشْكِلٍ ... وَحَلَّى بِعَذْبِ اللَّفْظِ مَا مَرَّ فِي الدَّهْرِ