بَلْ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ هُنَا أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَا تَارِيخَ التَّسَاوِي فِيهِ أَيْ تَارِيخًا وَاحِدًا وَلِذَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقَ كَانَ أَوْلَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ لِبَائِعِهِمَا فَصَارَ كَأَنَّ الْبَائِعَيْنِ حَضَرَا وَادَّعَيَا مِلْكًا مُطْلَقًا لِأَنْفُسِهِمَا وَالْحُكْمُ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ ذَلِكَ فَكَذَا هُنَا اهـ.
وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ لَوْ وَقَّتَا وَقْتَيْنِ فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَوْلَى اهـ.
وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَنَسِيَ مَا قَالَهُ فِي الْكِتَابِ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَرْهَنَ الْخَارِجَانِ عَلَى الْمِلْكِ وَالتَّارِيخِ فَالْأَسْبَقُ أَحَقُّ فَقَطْ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَذَكَرَا تَارِيخًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَكَانَ أَوْلَى فَلَا يَتَرَجَّحُ صَاحِبُ التَّارِيخِ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ تَوْقِيتَ أَحَدِهِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَقْدَمَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَا يُتَلَقَّى إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا يُحْكَمُ بِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ تَقَدَّمَهُ شِرَاءُ غَيْرِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ يَوْمئِذٍ يَمْلِكُهَا أَوْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَبِيعُ مَا لَا يَمْلِكُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا أَوْ مُتَعَدِّيًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الْمِلْكَ بِذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. اهـ.
قُلْت إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا فَكَيْفَ يَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ بَاعَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ إنْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي وَشُهُودُهُ أَنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُهَا أَوْ قَالُوا سَلَّمَهَا إلَيْهِ وَقَالَ سَلَّمَهَا إلَيَّ أَوْ قَالَ قَبَضْت وَقَالُوا قَبَضَ أَوْ قَالَ مِلْكِي اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَهِيَ لِي تُقْبَلُ فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى الشِّرَاءِ وَالنَّقْدِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَبْضَ وَلَا التَّسْلِيمَ وَلَا مِلْكَ الْبَائِعِ وَلَا مِلْكَ الْمُشْتَرِي لَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى وَلَا الشَّهَادَةُ وَلَوْ شَهِدُوا بِالْيَدِ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمِلْكِ اخْتَلَفُوا اهـ.
وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يُخَيَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَادَّعَى الْآخَرُ الْهِبَةَ مِنْ آخَرَ وَقَبْضَهَا مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ بَيْنَهُمَا وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ رَجُلٍ وَالْآخَرُ الْهِبَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ غَيْرِهِ وَالثَّالِثُ الْمِيرَاثَ مِنْ أَبِيهِ وَالْآخَرُ الصَّدَقَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ آخَرَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا لِأَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ الْمِلْكَ مِنْ بَاعَتِهِمْ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ حَضَرُوا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ بَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَتَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقُ أَوْ بَرْهَنَا عَلَى النِّتَاجِ أَوْ سَبَبِ مِلْكٍ لَا يَتَكَرَّرُ أَوْ الْخَارِجِ عَلَى الْمِلْكِ وَذُو الْيَد عَلَى الشِّرَاء مِنْهُ فَذُو الْيَدِ أَحَقُّ) بَيَانٌ لِثَلَاثِ مَسَائِلَ تُقَدَّمُ فِيهَا بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الْخَارِجِ الْأُولَى بَرْهَنَا عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَسَبَقَ تَارِيخَ ذِي الْيَدِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَرِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْهُ عَدَمُ قَبُولِهَا رُجِعَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ قَامَتَا عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِجِهَةِ الْمِلْكِ فَكَانَ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ سَوَاءً وَلَهُمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَعَ التَّارِيخِ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الدَّفْعِ فَإِنَّ الْمِلْكَ إذَا ثَبَتَ لِشَخْصٍ فِي وَقْتٍ فَثُبُوتُهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الدَّفْعِ مَقْبُولَةٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا وَالْمَعْنَى مَا بَيَّنَّا قُيِّدَ بِسَبْقِ تَارِيخِ ذِي الْيَدِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تَارِيخٌ أَوْ اسْتَوَى تَارِيخُهُمَا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ كَانَ الْخَارِجُ أَوْلَى وَكَذَا لَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنَّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ بَلْ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ هُنَا أَيْضًا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُمَلَّكُ مُتَعَدِّدًا كَمَا إذَا كَانَ مُتَّحِدًا (قَوْلُهُ وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا عَجَبَ مِنْهُ بَلْ الْعَجَبُ مِنْك إذْ مِلْكُ الْبَائِعِينَ مِلْكٌ بِلَا تَارِيخٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا حَضَرَا وَبَرْهَنَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِلَا تَارِيخٍ وَمَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فِي بُرْهَانِ الْخَارِجِينَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالتَّارِيخِ وَفِيهَا الْأَسْبَقُ الْأَحَقُّ فَبَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَوْنٌ فَأَيُّ عَجَبٍ مِنْ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِنْك تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ رَامِزًا لِلْمَبْسُوطِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَائِبِ إلَّا بِالشَّهَادَةِ بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ إمَّا بِمِلْكِ بَائِعِهِ بِأَنْ يَقُولُوا بَاعَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَإِمَّا بِمِلْكِ مُشْتَرِيهِ بِأَنْ يَقُولُوا هُوَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَإِمَّا بِقَبْضِهِ بِأَنْ يَقُولُوا اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَقَبَضَهُ اهـ.
وَفِيهِ رَامِزًا لِفَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرٍ ادَّعَى إرْثًا وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَادَّعَى آخَرُ شِرَاءَهُ مِنْ الْمَيِّتِ وَشُهُودُهُ شَهِدُوا بِأَنَّ الْمَيِّتَ بَاعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَقُولُوا بَاعَهُ مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ قَالُوا لَوْ كَانَ الدَّارُ فِي يَدِ مُدَّعِي الشِّرَاءَ أَوْ مُدَّعِي الْإِرْثَ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْبَيْعِ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْوَارِثِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فَالشَّهَادَةُ بِالْبَيْعِ كَالشَّهَادَةِ بِبَيْعٍ وَمِلْكٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) أَقُولُ: إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ أَنَّ الْبَائِعَ وَكِيلٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بَاعَهَا بِالْوَكَالَةِ عَمَّنْ يَمْلِكُهَا عَلَى أَنَّك عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ آنِفًا أَنَّ خُصُوصَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا غَيْرُ لَازِمٍ.