الْقَاضِي حُكْمُ الْحُرِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَثْبَتَ حُرِّيَّتَهُ مِنْ رَمَضَانَ بِالْبَيِّنَةِ وَالثَّابِتَةُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَفِي حَقِّ إيجَابِ الضَّمَانِ يُعْتَبَرُ حُرًّا يَوْمَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ يَوْمَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْمَنْعَ وَالْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ حَصَلَ يَوْمَ الْقَضَاءِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَامَ أَوَّلَ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَضَى بِهِ وَأَلْزَمَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعَا وَضَمِنَا ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا عَامَ أَوَّلَ فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ وَلَا يَقَعُ الْأَوَّلَانِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُبَانَةً بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَطْلِيقُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ الْأَخِيرَةُ بَاطِلَةً وَبَقِيَ الضَّمَانُ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ بِحَالِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ يُرَدُّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا ضَمِنَا.

وَكَذَلِكَ إقْرَارُ الْمَوْلَى بِالْعِتْقِ قِيلَ هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى نَفَاذِ الْقَضَاءِ بَاطِنًا فَمَتَى نَفَذَ الْقَضَاءُ فِي رَمَضَانَ بَاطِنًا عِنْدَهُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذَا الْعَامِ فَبَقِيَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى شَهَادَتِهِمَا لَا إلَى إقْرَارِهِ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يَنْفُذْ الْقَضَاءُ بَاطِنًا بَقِيَ النِّكَاحُ وَالرِّقُّ إلَى شَوَّالٍ بَاطِنًا فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِي شَوَّالٍ وَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى إقْرَارِهِ لَا إلَى الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ وَآخَرَانِ بِالْعِتْقِ فَرَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالتَّدْبِيرِ مَعَ الْعِتْقِ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ حُكْمَ التَّدْبِيرِ بَقَاءُ الرِّقِّ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ وَلَا يَبْقَى الرِّقُّ مَعَ الْعِتْقِ الْبَاتِّ فَلَا يُقْضَى بِالتَّدْبِيرِ فَإِنْ قُضِيَ بِشَهَادَةِ التَّدْبِيرِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ فَقُضِيَ بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنَ شُهُودُ التَّدْبِيرِ مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ وَشُهُودُ الْعِتْقِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالتَّدْبِيرِ يُفِيدُ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَالَةُ الْقَضَاءِ بِالتَّدْبِيرِ شَهَادَةً قَائِمَةً بِالْعِتْقِ فَأَمْكَنَ الْقَضَاءُ بِالتَّدْبِيرِ وَشَاهِدَا الْعِتْقِ أَزَالَا الْمُدَبَّرَ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا اهـ.

وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ أَمْسِ وَآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ مِنْ سَنَةٍ وَقُضِيَ بِهِ ثُمَّ أَقَامَ الشَّاهِدَانِ بَيِّنَةً عَلَى إعْتَاقِهِ مِنْ سِنِينَ بَرِئَا عَنْ الضَّمَانِ وَهَذَا قَوْلُهُمَا لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الدَّعْوَى لَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ.

يَعْنِي ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ثُمَّ بَرْهَنَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْوَلَاءَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي الْمُحِيطِ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مَا نَقَضَهُ التَّدْبِيرُ فَإِنَّهُ بِالتَّدْبِيرِ فَاتَ بَعْضُ الْمَنَافِعِ مِنْ حَيْثُ التِّجَارَةُ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ فَانْتَقَضَ مِلْكُهُ فَضَمِنَا نُقْصَانَهُ بِتَفْوِيتِهِمَا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَضَمِنَ الشَّاهِدَانِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا لِأَنَّهُمَا أَزَالَا الْبَاقِيَ عَنْ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدِ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْهِ وَضَمِنَ الشَّاهِدَانِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَمْ يَرْجِعَا بِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الثُّلُثَيْنِ يَرْجِعُ بِهِ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيَرْجِعُ بِهِ الشَّاهِدُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ جَمِيعَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَيَرْجِعَانِ بِهِ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ سَهْوًا لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِالثُّلُثَيْنِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَصَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْفَتْوَى أَنَّ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ فَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعَا يَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ وَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ إلَيْهِمَا فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنْ عَجَزَ فَرُدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَلَى الشُّهُودِ اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْكِتَابَةِ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ لِلَّذِي بَدَلَ الَّذِينَ وَيَطِيبُ لَهُمَا مَا أَخَذَا مِنْ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مِثْلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ تَصَدَّقَا بِالْفَضْلِ وَإِنْ أَرَادَ الْمَوْلَى اتِّبَاعَ الْمُكَاتَبِ وَلَا يُضَمِّنُهُمْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

وَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ رَجَعَا يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ تَضْمِينِ الشَّاهِدَيْنِ وَبَيْنَ اتِّبَاعِ الْعَبْدِ بِالْكِتَابَةِ إلَى أَجَلِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى ضَمَانَ الشَّاهِدَيْنِ وَقَبَضَ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَلْفًا إلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْفَضْلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ فَإِنْ تَقَاضَى الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَ وَهُوَ يَعْلَمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ لَا يَعْلَمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ لِلَّذِي بَدَلَ الَّذِينَ) أَيْ الصَّوَابُ أَنْ يُبْدِلَ قَوْلَهُ لِلَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِلَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ فَيَأْتِيَ بَدَلَ الْجَمْعِ بِالْمُفْرَدِ فَيَكُونَ وَاقِعًا عَلَى الْمَوْلَى عَلَى الشُّهُودِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015