أَجَابُوا إلَى شَيْءٍ مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا فِي الْكِتَابَةِ إلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ فَإِنَّ دَلَائِلَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَاضِحَةٌ وَبَرَاهِينُهُمْ فِيهَا لَائِحَةٌ وَالشُّبَّانُ يَتَجَاسَرُونَ إلَى هَذِهِ الْيَمِينِ ثُمَّ يَحْتَاجُونَ إلَى التَّزَوُّجِ فَيُضْطَرُّونَ إلَى ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يُجِبْهُمْ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ رُبَّمَا يَقَعُونَ فِي الْفِتْنَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ وَخَتَمَ عِنْدَهُمْ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا مَا فِيهِ لِيَشْهَدُوا عِنْدَ الثَّانِي وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ حِفْظِ مَا فِيهِ وَلِهَذَا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ نُسْخَةٌ أُخْرَى مَفْتُوحَةً فَيَسْتَعِينُوا مِنْهَا عَلَى الْحِفْظِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّذَكُّرِ مِنْ وَقْتِ الشَّهَادَةِ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ عِنْدَهُمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِنْوَانَ وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِهِ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَكَذَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَيَكْتُبُهُ مِنْ دَاخِلٍ فَلَوْ كَانَ عَلَى الظَّاهِرِ لَمْ يُقْبَلْ وَفِي عُرْفِنَا الْعِنْوَانُ يَكُونُ عَلَى الظَّاهِرِ فَيَكْتَفِي بِهِ وَيَكْتُبُ فِيهِ اسْمَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ التَّمْيِيزُ بِذِكْرِ جَدِّهِمَا وَيَذْكُرُ الْحَقَّ فِيهِ وَيَذْكُرُ الشُّهُودَ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِذِكْرِ شَهَادَتِهِمْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الشُّهُودِ إلَّا نَقْلُ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ وَلَا عَلَى الْقَاضِي سِوَى كِتَابَةِ الْحَاجَةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِكَوْنِهِ أَسْهَلَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وَصَلَ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ نَظَرَ إلَى خَتْمِهِ لَمْ يَقْبَلْهُ بِلَا خَصْمٍ وَشُهُودٍ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْحُكْمِ بِهِ فَلَا يَقْبَلُهُ إلَّا بِحُضُورِ الْخَصْمِ كَالشَّهَادَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ إسْلَامِ الشُّهُودِ وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِ الْمُسْلِمِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِمْ إذَا أَنْكَرَ الْخَصْمُ كَوْنَهُ كِتَابَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا أَقَرَّ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِمْ بِخِلَافِ كِتَابِ الْأَمَانِ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ حَيْثُ يُعْمَلُ بِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْزَمٍ وَمَعْنَاهُ إذَا جَاءَ الْكِتَابُ مِنْ مَلِكِهِمْ يَطْلُبُ الْأَمَانَ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْأَمَانِ وَفِي دَفْتَرِ الْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ قَبُولِهِ بِلَا خَصْمٍ عَدَمُ قِرَاءَتِهِ لَا مُجَرَّدُ قَبُولِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ قَبُولَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَكِنْ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي مَعَ كَسْرِ الْخَتْمِ كَذَا عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ كِتَابَ فُلَانٍ الْقَاضِي سَلَّمَهُ إلَيْنَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ فَتَحَهُ الْقَاضِي وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَلْزَمَهُ مَا فِيهِ) يَعْنِي إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ عِنْدَهُ بِأَنْ كَانَ يَعْرِفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ أَوْ وَجَدَ فِي الْكِتَابِ عَدَالَتَهُمْ أَوْ سَأَلَ مَنْ يَعْرِفُهُمْ مِنْ الثِّقَاتِ فَزَكَّوْا، وَأَمَّا قَبْلَ ظُهُورِ عَدَالَتِهِمْ فَلَا يَحْكُمُ بِهِ وَلَا يُلْزِمُ الْخَصْمَ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يَفْتَحُهُ إلَّا بَعْدِ ظُهُورِ الْعَدَالَةِ وَصَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ سَلَّمَهُ إلَيْنَا آخِرُهُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا قَالُوا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْنَا أَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْنَا أَوْ لَمْ يَخْتِمْهُ بِحَضْرَتِنَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذَا كِتَابَ فُلَانٍ الْقَاضِي قُبِلَ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا قَرَأَهُ عَلَيْنَا وَشَرَطَ فِي الذَّخِيرَةِ حُضُورَ الْخَصْمِ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ لَا لِقَبُولِ الْكِتَابِ حَتَّى لَوْ قَبِلَهُ مَعَ غَيْبَةِ الْخَصْمِ جَازَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَلِّفُ مَسَافَةً بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَجَوَّزَهُمَا مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَانَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ فِي مَكَان لَوْ غَدَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَهْلِهِ صَحَّ الْإِشْهَادُ وَالْكِتَابَةُ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الْكِتَابُ بِمَوْتِ الْكَاتِبِ وَعَزْلِهِ) يَعْنِي قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَى الثَّانِي أَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَبْطُلُ، وَأَمَّا بَعْدَهُمَا فَلَا يَبْطُلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَجُنُونُ الْكَاتِبِ وَرِدَّتُهُ وَحَدُّهُ لِقَذْفٍ وَعَمَاهُ كَعَزْلِهِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِذَا قَبِلَهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِيمَا إذَا بَطَلَ وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ رُفِعَ إلَى آخَرَ فَأَمْضَاهُ جَازَ لِمُصَادَفَتِهِ الِاجْتِهَادَ وَإِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بِالتَّنْفِيذِ مِنْ قَاضٍ آخَرَ وَلَوْ فَسَقَ الْكَاتِبُ أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَا يَقْضِي بِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ أَوْ بَعْدَهَا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشَّارِحِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ بِحَقٍّ ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي الْمَشْهُودُ عِنْدَهُ وَوُلِّيَ قَاضٍ آخَرُ لَمْ يُنْفِذْ تِلْكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .