شَرْعِيَّانِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنَاهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَجُوزُ مِنْهُمْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَرْذَوِيُّ أَخُو صَدْرِ الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ مِثْلُ سَائِرِ الدُّيُونِ بَلْ فَوْقَهَا وَالْعِبْرَةُ لِلْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِالْتِزَامِهَا فَالْمُطَالَبَةُ الْحِسِّيَّةُ كَالْمُطَالَبَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلِذَا قُلْنَا وَمَنْ قَامَ بِتَوْزِيعِ هَذِهِ النَّوَائِبِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْقِسْطِ أَيْ بِالْعَدْلِ يُؤْجَرُ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ بِالْأَخْذِ ظَالِمًا وَقُلْنَا مَنْ قَضَى نَائِبَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ كَمَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ وَفِي الْعِنَايَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذَا إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا عَنْ إكْرَاهٍ أَمَّا إذَا كَانَ مُكْرَهًا فِي الْأَمْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِي الرُّجُوعِ. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَ: إنَّهَا ضَمٌّ فِي الدَّيْنِ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا هُنَا وَمَنْ قَالَ فِي الْمُطَالَبَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ بِصِحَّتِهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَمْنَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّيْنِ أَوْ مَعْنَاهُ أَوْ مُطْلَقًا. اهـ.

وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّيْنِ مَمْنُوعٌ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهَا لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّيْنِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَشْمَلْ التَّعْرِيفُ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا ضَمٌّ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْحُضُورِ وَفِي قَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ بِأَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ مُطْلَقًا لَا يَمْنَعُهَا هُنَا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ صَادَرَ الْوَالِي رَجُلًا وَطَلَبَ مِنْهُ مَالًا وَضَمِنَ رَجُلٌ ذَلِكَ وَبَذَلَ الْحَطَّ ثُمَّ قَالَ الضَّامِنُ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِي عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ الشَّرْعِيَّةَ كَالْمُطَالَبَةِ الْحِسِّيَّةِ. اهـ.

وَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ الْحِسِّيَّةَ كَالْمُطَالَبَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَلِذَا قَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ وَالْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنَّهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا وَإِنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِالْجِبَايَاتِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَصِحُّ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَكَذَا السُّلْطَانُ إذَا صَارَ رَجُلًا فَأَمَرَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ الْمَالَ لِكُلِّ مَا هُوَ مُطَالَبٌ بِهِ حِسًّا جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِهِ فَإِنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ إنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَإِلَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرْجِعُ، ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْمَسْأَلَةَ إذَا أُسِرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ إنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَسِيرِ وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ سَوَاءٌ أَمَرَهُ الْأَسِيرُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيَّ وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ مِنْ مَالِك عَلَى عِيَالِي أَوْ أَنْفِقْ فِي بِنَاءِ دَارِي فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَنْفَقَ وَكَذَا الْأَسِيرُ إذَا أَمَرَ رَجُلًا لِيَدْفَعَ الْفِدَاءَ وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ. اهـ.

لَكِنْ قَاضِي خَانْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا الْجِبَايَاتُ الَّتِي يُوَظِّفُهَا السُّلْطَانُ عَلَى النَّاسِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَصِحُّ بِهَا الْكَفَالَةُ؛ لِأَنَّهَا مُطَالَبٌ بِهَا حِسًّا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ الْوَاجِبِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَنْ قَضَى نَائِبَةَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ فِي الْأَمْرِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الضَّمَانَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا وَلَوْ أَدَّاهُ بِأَمْرِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الضَّمَانَ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ فِي حَقِّ الْآخِذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَلَا تَصِحُّ بِهِ الْكَفَالَةُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ مَمْنُوعٌ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا الْمَمْنُوعُ مَمْنُوعٌ إذْ الْكَلَامُ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ لَا بِالنَّفْسِ. (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا نَظَرٌ إلَخْ) أَقُولُ: مُرَادُ الْمُحَقِّقِ بَيَانُ وَجْهٍ لِلصِّحَّةِ وَوَجْهٍ لِلْمَنْعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا الضَّمُّ فِي الْمُطَالَبَةِ فَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا الضَّمُّ فِي الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّيْنِ أَوْ مَعْنَاهُ وَجْهٌ لِلْمَنْعِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقًا وَجْهٌ لِلصِّحَّةِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ الْحِسِّيَّةَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْأَبْلَغِيِّةِ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ كَذَا رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ الْمَقَامُ مَقَامَ الْبَلِيغَةِ وَهَذَا الشَّارِحُ لَمْ يَنْفِ الْجَوَازَ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَوْلَوِيَّةَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ إلَخْ) رَجَّحَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَدَمَهَا مُسْتَنِدًا إلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ضَمَانَ الْجِبَايَاتِ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا يَصِحُّ فَجَعَلَهُ قَوْلَ الْعَامَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِلَا بُرْهَانٍ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ قَوْلُ الْعَامَّةِ وَالْعِلَّةُ لَهُ أَنَّ الظُّلْمَ يَجِبُ إعْدَامُهُ وَيَحْرُمُ تَقْرِيرُهُ وَفِي الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ تَقْرِيرُهُ، وَقَالَ مُؤَيَّدُ زَادَهْ فِي مَجْمُوعِهِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْأَسِيرُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ خَلِّصْنِي فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ مَالًا وَخَلَّصَهُ مِنْهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ يَرْجِعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ لَا يَرْجِعُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَهُوَ مُدَافِعٌ لِمَا فِي الْإِصْلَاحِ وَقَوْلُ قَاضِي خَانْ الصَّحِيحُ الصِّحَّةُ لَا يَدْفَعُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمُحِيطِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. مُلَخَّصًا.

أَقُولُ: غَايَتُهُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ، وَقَالُوا لَا يَعْدِلُ عَنْ تَصْحِيحِ قَاضِي خَانْ كَمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ عَلَى أَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُحِيطِ تَصْحِيحٌ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْمُحِيطِ لَمْ يَسْتَوْفِ شَرَائِطَ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ وَهُوَ بِأَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى لَفْظَةِ عَنِّي أَوْ عَلَيَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015