يَكُونُ الْمَنْقُودُ ثَمَنَ الصَّرْفِ وَيَصِحَّانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بِصَرْفِ الْمَنْقُودِ إلَى الصَّرْفِ فَحَكَمْنَا بِجَوَازِهِ تَصْحِيحًا لِلْبَيْعِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ بَطَلَ الصَّرْفُ فَعَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَتَخَلَّصُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا صَرَّحَ بِالنَّصْلِ دُونَ السَّيْفِ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ انْصِرَافِهِ إلَى الْحِلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَخَلَّصَ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا صَرَفْنَاهَا إلَى الْحِلْيَةِ وَتَرَكْنَا الصَّرِيحَ تَصْحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ بَطَلَ فِي الْكُلِّ وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ خَاصَّةً فَذَكَرَ السَّيْفَ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّصْلَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ السَّيْفَ وَلَمْ يَقُلْ خَاصَّةً صُرِفَ إلَى الْحِلْيَةِ مُطْلَقًا، أَعْنِي سَوَاءً أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بِلَا ضَرَرٍ أَوْ لَا، وَإِنْ زَادَ خَاصَّةً أَمْ لَمْ يَذْكُرْ السَّيْفَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ النَّصْلَ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا وَيُصْرَفُ إلَى النَّصْلِ إنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا صَرَفْنَاهُ إلَى الْحِلْيَةِ، وَفِي الْبَدَائِعِ إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ يَقَعُ عَنْ الْحِلْيَةِ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ النَّصْلِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ بِلَا ضَرَرٍ يَقَعُ عَنْ الْمَذْكُورِ وَيَبْطُلُ الصَّرْفُ بِالِافْتِرَاقِ وَإِلَّا فَالْمَنْقُودُ ثَمَنُ الصَّرْفِ وَيَصِحَّانِ. اهـ.
وَفِي الْمُغْرِبِ الْحِلْيَةُ الزِّينَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ فِضَّةٍ يُقَالُ حِلْيَةُ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ وَغَيْرِهِ وَفِي التَّنْزِيلِ {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: 12] أَيْ اللُّؤْلُؤَ وَالْمَرْجَانَ اهـ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا صَحَّ فِيمَا قَبَضَ وَالْإِنَاءُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي إذَا بَاعَهُ بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ لِأَنَّهُ صَرْفٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَتَقَدَّرُ الْفَسَادُ بِقَدْرِ مَا لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يَشِيعُ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ وَلَا يَكُونُ هَذَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لَا مِنْ الْعَاقِدِ وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ عَيْبِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ عَدَمُ النَّقْدِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَيْثُ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ الْبَاقِي لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْإِنَاءِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ بِقِسْطِهِ أَوْ رَدَّ) ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْإِنَاءِ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ يَضُرُّهُ وَهَذَا الْعَيْبُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْبَائِعِ مُقَارِنًا فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ جَازَ الْعَقْدُ وَكَانَ الثَّمَنُ لَهُ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْتَرِقَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَيَصِيرُ الْعَاقِدُ وَكِيلًا لِلْمُجِيزِ فَتَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُجِيزِ حَتَّى لَوْ افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ قَبْلَ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ فَارَقَهُ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَالْمُتَعَاقِدَانِ بَاقِيَانِ فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْعَقْدُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَطْلَقَ الْخِيَارَ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ. قَوْلُهُ (وَلَوْ بَاعَهُ قِطْعَةً فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا أَخَذَ مَا بَقِيَ بِقِسْطِهِ بِلَا خِيَارٍ) ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهَا لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إذْ التَّشْقِيصُ فِيهَا لَا يَضُرُّهَا بِخِلَافِ الْإِنَاءِ أَطْلَقَهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَ قَبْضِهَا أَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُ النُّقْرَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّ لَهُ الْخِيَارَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمَامِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِتَمَامِهَا وَفِي الْمُغْرِبِ النُّقْرَةُ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَيُقَالُ نُقْرَةُ فِضَّةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ لِلْبَيَانِ. اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ هِيَ قِطْعَةُ فِضَّةٍ مُذَابَةٍ، كَذَا فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ وَعَلَى هَذَا فَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَوْقَافِ الْمِصْرِيَّةِ كالشيخونية والصرغتمشية مِنْ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةُ الْمُرَادُ مِنْهَا الْفِضَّةُ لَكِنْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي أَنَّهَا فِضَّةٌ خَالِصَةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ وَكُنْت اسْتَفْتَيْت بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ عَنْهَا فَأَفْتَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا فِي سُقُوفِهَا مِنْ التَّمْوِيهِ بِالذَّهَبِ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ فِي الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) أَقُولُ: لَا شَكَّ أَنَّ النَّصْلَ أَخَصُّ مِنْ السَّيْفِ؛ لِأَنَّ السَّيْفَ يُطْلَقُ عَلَى الْحِلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لَهَا وَلِلْمُنْصَلِ بِخِلَافِ النَّصْلِ، فَإِذَا قَالَ خُذْ هَذَا مِنْ ثَمَنِ النَّصْلِ خَاصَّةً وَلَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ إلَّا بِضَرَرِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ يَجْعَلُ النَّصْلَ عِبَارَةً عَنْ السَّيْفِ، فَإِذَا ذَكَرَ السَّيْفَ بَدَلَ النَّصْلِ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ بِالْأَوْلَى فَقَوْلُ الْمَبْسُوطِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِي الْحِلْيَةِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ تَمْيِيزُهُ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا خَالَفَهُ مَا فِي الْمُحِيطِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّوْفِيقِ لِدَفْعِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ، نَعَمْ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْكُلِّ لَا يُنَاسِبُ هَذَا التَّوْفِيقَ لِمَا عَلِمْته مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَا تَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ صَحَّ فِي الْكُلِّ فَكَيْفَ يَحْمِلُ مَسْأَلَةَ الْمَبْسُوطِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يَتَمَيَّزُ بِضَرَرٍ أَوْ بِدُونِ ضَرَرٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى حُكْمِهِ تَأَمَّلْ.
[بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقَّ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عَازِيًا إلَى الْغَزِّيِّ هَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِقَوْلِ الْخَصَّافِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْتَقِضُ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَارَقَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَالْمُتَعَاقِدَانِ بَاقِيَانِ فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْعَقْدُ) صَوَابُهُ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْجَوْهَرَةِ. (قَوْلُهُ: وَكُنْت اسْتَفْتَيْت بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ)