الشَّرْطِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ اشْتَرَى حَطَبًا فِي قَرْيَةٍ شِرَاءً صَحِيحًا، وَقَالَ مَوْصُولًا بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الشِّرَاءِ احْمِلْهُ إلَى مَنْزِلِي لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْبَيْعِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ فَلَا يُوجِبُ فَسَادَهُ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ قَرْيَةً أَوْ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَمَامِهَا: إنَّ الْحَرْثَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِيهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ الْحَرْثَ عَلَيْهِ فَلْيُحْفَظْ هَذَا فَإِنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ.
قَوْلُهُ (وَالْمُضَارَبَةُ) بِأَنْ قَالَ ضَارَبْتُك فِي أَلْفٍ عَلَى النِّصْفِ فِي الرِّبْحِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَهُوَ مِثَالٌ لِتَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ لِلْعَيْنِيِّ هُنَا دَلِيلٌ عَلَى كَسَلِهِ وَعَدَمِ تَصَفُّحِ كَلَامِهِمْ فَإِنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي الْأَبْوَابِ لَكَانَ أَنْسَبَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَلَوْ شَرَطَ مِنْ الرِّبْحِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَسَدَتْ لَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ بَلْ لِقَطْعِ الشَّرِكَةِ. اهـ.
وَفِيهَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ أَرْضًا بِزَرْعِهَا سَنَةً أَوْ دَارًا لِلسُّكْنَى بَطَلَ الشَّرْطُ وَجَازَتْ الْمُضَارَبَةُ، وَلَوْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ أَرْضًا أَوْ دَارًا سَنَةً فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفَ الرِّبْحِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ وَأُجْرَةِ دَارِهِ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ شَرَطَ عَلَى أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ إذَا خَرَجَ إلَى السَّفَرِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَجَازَتْ. اهـ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهَا.
قَوْلُهُ (وَالْقَضَاءُ) بِأَنْ قَالَ الْخَلِيفَةُ وَلَّيْتُك قَضَاءَ مَكَّةَ مَثَلًا عَلَى أَنْ لَا تُعْزَلَ أَبَدًا وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ شَرَطَ فِي التَّقْلِيدِ أَنَّهُ مَتَى فَسَقَ يَنْعَزِلُ انْعَزَلَ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا اسْتَخْلَفَ رَجُلًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْتَشِيَ وَلَا يَشْرَبَ الْخَمْرَ وَلَا يَمْتَثِلَ أَمْرَ أَحَدٍ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَالشَّرْطُ وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ انْعَزَلَ وَلَا يَبْطُلُ قَضَاؤُهُ فِيمَا مَضَى قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا الْقَضَاءَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْمَعَ قَضِيَّةَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي هَذَا الرَّجُلِ وَيَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُفَصِّلَ قَضِيَّةً إنْ اعْتَرَاهُ قَضِيَّتَهُ اهـ.
قَوْلُهُ (وَالْإِمَارَةُ) بِأَنْ قَالَ الْخَلِيفَةُ وَلَّيْتُك إمَارَةَ الشَّامِ مَثَلًا عَلَى أَنْ لَا تَرْكَبَ فَهَذَا الشَّرْطُ فَاسِدٌ وَلَا تَبْطُلُ أَمْرِيَّتُهُ بِهَذَا وَالْإِمَارَةُ مَصْدَرٌ كَالْإِمْرَةِ بِالْكَسْرِ يُقَالُ فُلَانٌ أَمَّرَ وَأُمِّرَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ وَالِيًا، وَقَدْ كَانَ سَوْقُهُ أَيْ أَنَّهُ يُجَرِّبُ وَالتَّأْمِيرُ تَوْلِيَةُ الْإِمَارَةِ يُقَالُ هُوَ أَمِيرٌ مُؤَمَّرٌ وَتَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَيْ تَسَلَّطَ، كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «إنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
قَوْلُهُ (وَالْكَفَالَةُ) بِأَنْ قَالَ كَفَلْت غَرِيمَك إنْ أَقْرَضْتنِي كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَهُوَ مِثَالٌ لِتَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَ كَفَلْت بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنِّي طُولِبْت بِهِ أَوْ كُلَّمَا طُولِبْت بِهِ فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ صَحَّتْ، فَإِذَا طَالَبَهُ بِهِ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ الْأُولَى، فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ الْأُولَى لَزِمَ التَّسْلِيمُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُطَالَبَةِ الثَّانِيَةِ تَأْجِيلٌ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ يَصِحُّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوَسُّعِ. اهـ.
وَأَمَّا تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ وَتَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ إنْ مُتَعَارَفًا كَقُدُومِ الْمَطْلُوبِ يَصِحُّ وَإِنْ شَرْطًا مَحْضًا كَأَنْ دَخَلَ الدَّارَ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ لَا وَالْكَفَالَةُ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَنَصُّ النَّسَفِيِّ أَنَّ الشَّرْطَ إنْ لَمْ يُتَعَارَفْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْحَوَالَةُ كَهِيَ.
قَوْلُهُ (وَالْحَوَالَةُ) بِأَنْ قَالَ أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرْجِعَ عَلَيَّ عِنْدَ الْتِوَاءِ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ يَعْنِي تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّوَاءِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ وَمِنْهُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْمُحْتَالِ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْحَوَالَةَ تَبْطُلُ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ صُوَرِ فَسَادِ الْحَوَالَةِ مَا إذَا شَرَطَ فِي الْحَوَالَةِ أَنْ يُعْطِيَ الْمَالَ الْمُحَالَ بِهِ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمِ بِخِلَافِ مَا إذَا الْتَزَمَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءَ مِنْ ثَمَنِ دَارِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي حَمْلُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ أَلْحَقَا بِهِ شَرْطًا فَاسِدًا لَا يَلْتَحِقُ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَلْتَحِقُ بَقِيَ مُجَرَّدُ وَعْدٍ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ. فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ) أَيْ تَعْلِيقُ الْعَزْلِ لَا الْقَضَاءِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ نَعَمْ سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ جَوَازَ تَعْلِيقِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْمُحْتَالِ) فِي كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ التَّعْلِيقِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ شَرْطٌ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ تَأَمَّلْ